الصباح / مصطفى خليفه
على مدار عقود، ظلت فرقة فيوت للفنون الشعبية حاضنة لفن القنقا الطارقي، وهو أحد أعرق الفنون الشعبية في منطقة الطوارق الممتدة بين غات وجانت واليزي الجزائرية.
إلا أن الفرقة، رغم وجودها منذ زمن طويل، لم تكتسب مكانتها المرموقة إلا مؤخرًا مع ظهور المهرجانات والاحتفالات الثقافية الكبرى، كما أكد أحد رموزها، أمود لجي.
رحلة نحو الشهرة
يقول أمود لجي عن مسيرة الفرقة: “الفرقة موجودة منذ فترة طويلة، لكن لم تكتسب أهميتها إلا مؤخرًا مع انطلاق المهرجانات.
بعد ذلك، ازداد انتشارها بشكل كبير. أما قبل ذلك، فقد كانت الفرقة موجودة، لكنها لم تكن تملك نفس الحافز أو الشهرة. في الأعراس، كنا نقدم عروضنا بشكل عادي، واستمر ذلك إلى أن جاءت المهرجانات، حيث أصبحت الفرقة أكثر تنظيمًا وانتشارًا.”
ويضيف: “لدينا أهازيج متعددة وراقصون مميزون يفوقون الآخرين أداءً وإتقانًا. وأي فرقة تحاول تقليدنا يكون ذلك واضحًا؛ فمن يعرف إبداع فيوت سيكتشف التقليد فورًا.
حتى اللباس الخاص بفرقتنا فريد للغاية ولا يمكن للآخرين تقليده. مظهرنا بمجرد أن ندخل العرض يعكس أننا فرقة فيوت دون شك.”
تراث عائلي عريق في فن الغيطة
تأخذ القصة بعدًا شخصيًا مع أمود لجي، الذي يعتبر أحد أبرز العازفين على آلة الغيطة، وهي عنصر أساسي في عروض القنقا. يتحدث عن رحلته مع هذه الآلة قائلًا:
“بدأت تعلم الغيطة منذ كان والدي يعزف عليها في ستينيات القرن الماضي. كنا أربعة عازفين في العائلة: والدي، ثم شقيقي الأكبر، وخالي، والمرحوم بابا. ومن بعدهم، المرحوم واداي مؤمن. كل من تسألني عنه الآن من هؤلاء أصبحوا في القبر.”
ويتابع حديثه عن مسيرته:
“بعد وفاة خالي، كنا أنا وبابا وواداي نحيي أي احتفالية تُقام هنا في فيوت. كنا نتناوب على العزف وإحياء المحافل منذ الستينيات. ومع ظهور المهرجانات، شكّلنا فرقة من الشباب، واستمررنا فيها.نحن مستمرون اليوم وغدًا، ما دمنا أحياء.”
الإبداع والتميز في عروض فيوت
تُعرف فرقة فيوت بقدرتها الفريدة على تقديم فن القنقا بأسلوب مختلف عن بقية الفرق. تتميز الفرقة بتقديم رقصات مثل “تيلللن” و”سباديدي” و”كود يرا يالله”، والتي تُؤدى بتناسق مذهل وأداء محترف.
اللباس الخاص بالفرقة، الذي يجمع بين الألوان الأسود والأبيض مع لمسات من الأحمر، يضفي على العروض رونقًا خاصًا، ويعكس هوية الفرقة وتميزها.
تعتبر فرقة فيوت للفنون الشعبية اليوم أكثر من مجرد فرقة، فهي رمز حي لتراث الطوارق وفنهم العريق. من الأعراس التقليدية إلى أضواء المهرجانات، تواصل الفرقة مسيرتها في الحفاظ على هذا الفن وتقديمه للأجيال الجديدة، في رسالة تعكس حبهم العميق للثقافة والهوية.