عبدالرزاق الداهش
حوش البناني ليس هو الأول الذي يتعرض للهدم، بمنطقة طرابلس التاريخية، ونتمنى ان يكون الأخير.
مئات المنازل التاريخية جرى هدمها، ولعل بناية البناني هي من أفاض كأس هذه المجزرة.
في مساء خميس ننام على خارطة للمدينة، لنستيقظ الأحد على خارطة جديدة، وبناية أخرى قد ابتلعها الجهل.
والمحير أنه لا من احد قد توجه إلى جنة العريف ببلاغ للنائب العام ولو كان باسم فاعل خير.
جهاز المدن التاريخية، الذي يكاد ان يصير من التاريخ، تحول إلى زوج محلل، قدم رجل وآخر رجل (قطع ملاك) للحكم المحلي.
وطرابلس بمسحتها التاريخية، ببصمة ماضيها، قد تصير ذات مجزرة عمرانية إلى اسمهان المجنونة.
بلدي طرابلس لا ينقصه إلا منح رخصة هدم جماعية، ولوحة بمداخل المدينة: إزالة بغرض التدمير.
لا وزارة ثقافة تكلمت، ولا سياحة قالت بغ والغريب عندما يسافر المسؤول إلى الخارج يأخذ صورة سلفي مع قوس قديم!
الحي اللاتيني بباريس يزوره 50 مليون سائح، تركوا خلفهم حي منهاتن، وكل أبراج العالم ليزورا حي قديم فنادقه الصغيرة أغلى سعرا من الانتركونتيننتال.
سكان باريس وجدوا انفسهم أمام خيارين كلاهما أمر من الثاني سلامة كرامتهم أو مدينتهم.
اختروا مدينتهم وتركوها للنازيين، لأن الكرامة تستردها اما مدينة بكنز ذاكرتها لا يمكن تعويض.
طرابلس تريد قلوب لا موظفين متواطئين ضدها بالمجان وبغير المجان.
وعلى حكومة الوحدة الوطنية إنقاذ طرابلس من التصحر التاريخي فالحسرة بعد ذلك غير قابلة للتداول.