منصة الصباح

أيها‭ ‬الرجل‭ .. ‬القوامة‭ ‬ليس‭ ‬ظلماً‭ ‬و‭ ‬ضرباً‭ ‬

إطلالة ورسالـــة

بقلم / سعاد السويحلي

قال‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭(‬أوصيكم‭ ‬بالقوارير‭).. ‬قالوا‭ ‬وما‭ ‬القوارير؟‭. ‬قال‭: ‬النساء‭. ‬ومن‭ ‬آخر‭ ‬كلامه‭ ‬قبل‭ ‬موته‭: (‬أوصيكم‭ ‬بالنساء‭ ‬خيراً‭). ‬
هذا‭ ‬ما‭ ‬أوصى‭ ‬به‭ ‬رسول‭ ‬البشرية،‭ ‬والكل‭ ‬يعلم‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬حال‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الجاهلية،‭ ‬وكيف‭ ‬تشترى‭ ‬وتباع‭ ‬كالمتاع،‭ ‬وتُكره‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬وعلى‭ ‬البغاء،‭ ‬وكانت‭ ‬تُورث‭ ‬ولا‭ ‬تَرث،‭ ‬وتُملك‭ ‬ولا‭ ‬تَملك،‭ ‬وكانوا‭ ‬يرون‭ ‬للزوج‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التصرف‭ ‬بمالها‭ ‬من‭ ‬دونها‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الظلم‭ ‬والاضطهاد‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تقاسيه‭ ‬وتتجرع‭ ‬مرارته‭ ‬فأنقذها‭ ‬الله‭ ‬بالإسلام‭.‬
كرّمها‭ ‬الله‭ ‬ورفع‭ ‬قدرها‭ ‬ومنزلتها،‭ ‬وأعطاها‭ ‬حقوقها‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وأحكم‭ ‬وجه،‭ ‬ولم‭ ‬يعنِ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القوامة‭ ‬بيد‭ ‬الرجل‭ ‬أنّ‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬إهانتها‭ ‬أو‭ ‬ظلمها،‭ ‬وإنّما‭ ‬جعل‭ ‬له‭ ‬ذلك‭ ‬ليذود‭ ‬عنها،‭ ‬ويحيطها‭ ‬بقوته،‭ ‬وينفق‭ ‬عليها،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬بالقهر‭ ‬والجحود،‭ ‬كما‭ ‬احترم‭ ‬الإسلام‭ ‬شخصية‭ ‬المرأة،‭ ‬فهي‭ ‬مساوية‭ ‬للرجل‭ ‬في‭ ‬أهلية‭ ‬الوجوب‭ ‬والأداء،‭ ‬ومما‭ ‬حمى‭ ‬به‭ ‬الإسلام‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الجسدي‭ ‬أن‭ ‬حرّم‭ ‬قتلها‭ ‬في‭ ‬الحروب،‭ ‬وأنّ‭ ‬النبي‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬غضب‭ ‬حين‭ ‬ضربت‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬عهده،‭ ‬أما‭ ‬حمايتها‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬النفسي‭ ‬أن‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬تكريمها‭ ‬عدم‭ ‬خدش‭ ‬مشاعرها‭ ‬وأحاسيسها،‭ ‬وحفظ‭ ‬كرامتها،‭ ‬وترك‭ ‬رميها‭ ‬بالعيوب،‭ ‬أو‭ ‬الاشمئزاز‭ ‬منها‭. ‬
ولم‭ ‬يكن‭ ‬النبي‭ ‬ليوصي‭ ‬بتلك‭ ‬الحقوق‭ ‬للمرأة‭ ‬إلا‭ ‬لعظم‭ ‬دورها،‭ ‬فهي‭ ‬نصف‭ ‬المجتمع‭ ‬وأم‭ ‬للنصف‭ ‬الآخر،‭ ‬إذا‭ ‬صلحت‭ ‬صلح‭ ‬سائر‭ ‬المجتمع،‭ ‬فهي‭ ‬الركن‭ ‬الركين‭ ‬الذي‭ ‬يرتكز‭ ‬عليه‭ ‬المجتمع‭ ‬المسلم،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬شيئًا‭ ‬هامشيًا،‭ ‬بل‭ ‬مرتكزًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬أبدًا‭.‬‮ ‬
‭ ‬فالمرأة‭ ‬تتسم‭ ‬بالرقة،‭ ‬وطبيعة‭ ‬تركيبتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬تتسم‭ ‬بالضعف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فلزم‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬معاملتها‭ ‬معاملة‭ ‬خاصة،‭ ‬ووجب‭ ‬احترام‭ ‬مشاعرها،‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬برقي‭ ‬وإحسان،‭ ‬فلا‭ ‬تجرح‭ ‬مشاعرها‭ ‬بالكلمة،‭ ‬ولا‭ ‬يعتدى‭ ‬عليها‭ ‬باللفظ‭ ‬أو‭ ‬الضرب،‭ ‬ويجب‭ ‬معاملتها‭ ‬معاملة‭ ‬لينة،‭ ‬فإن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬يستميل‭ ‬قلب‭ ‬المرأة‭ ‬هو‭ ‬تقديرها‭ ‬وإظهار‭ ‬الحب‭ ‬لها‭.‬
‭ ‬أمر‭ ‬الإسلام‭ ‬بكف‭ ‬الأذى‭ ‬عنها‭ ‬واحتماله‭ ‬منها،‭ ‬والحلم‭ ‬عند‭ ‬غضبها،‭ ‬وحسن‭ ‬عشرتها،‭ ‬ومعاملتها‭ ‬بلطف،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬كلّه‭ ‬اقتداءٌ‭ ‬برسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬فقد‭ ‬شرّع‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬ما‭ ‬يحمي‭ ‬به‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬التعنيف،‭ ‬حيث‭ ‬أعطاها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬الطلاق،‭ ‬وشدد‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬مسألة‭ ‬إقامة‭ ‬الحدود،‭ ‬وإحياء‭ ‬سنة‭ ‬الأمر‭ ‬بالمعروف‭ ‬والنهي‭ ‬عن‭ ‬المنكر‭. ‬
هذا‭ ‬ما‭ ‬لخصته‭ ‬لكم‭ ‬مما‭ ‬قرأت‭ ‬وتعلمت‭ ‬وسمعت‭ ‬ورأيت‭ ‬من‭ ‬احترام‭ ‬للمرأة‭ ‬وتقديرها‭.‬
كلماتي‭ ‬هذه‭ ‬رسالة‭ ‬لكل‭ ‬رجل‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬بعنف‭ .. ‬ولتكن‭ ‬لكم‭ ‬في‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬قدوة‭ ‬يا‭ ‬معشر‭ ‬الرجال‭ .. ‬فالضرب‭ ‬والتعنيف‭ ‬ليسا‭ ‬بطولة‭ ‬ولا‭ ‬رجولة‭ .‬

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …