عبدالرزَّاق الدَّاهش
تصوّر شارع ميزران، تحوّل إلى صحراء، لا مبانٍ، ولا أرصفة، ولا إسفلت، ولا إشارات مرور، ولا حتى نفس المدينة..
كثبانٌ رملية، ولا محال مواد التجميل، ولا صالات ملابس، ولا مكتبة الفرجاني، ولا صالون لبيع الهدايا، ولا عبمبر..
حديقةُ شارع ميزران يمكن أن تكون مربطاً للحمير، وركّابة الشارع يمكن أن تُصبحَ خيمةً لشيخِ العشيرة..
وننسى أجهزة الكمبيوتر، وشاشات التلفزيون، والهواتف المحمولة، والبنايات الحديثة، والسيارات، وحتى الدراجات الهوائية..
ونعودُ للنجع، ويا شيخ صليبخان، ويا شيخ نبهان، ونتصارعُ على مناطق الرعي، والحرث، وبئر الماء..
هذا ما استدعته ذاكرتي، وانا أُطالع رسالةً تتعلّقُ بتشكيل دكّان اتحاد قبائل مدينة طرابلس المركز..
مكوناتٌ كان يُفترض أن تكون ضمن محتويات متحف السريا، وجدناها في قلبِ طرابلس الحضارة..
لا عُملتهم من عُملات العصر، ولا لُغتهم من لُغات العصر، ولا ملابسهم تنتسبُ إلى هذا الزمن..
اليوم طرابلس الرقم الوطني، ورخصة القيادة والبطاقة المصرفية، والموبايل، ومؤسسات المجتمع المدني. والقانون، وباقي مستحضرات المدنية..
القبيلة، والعشيرة، ودستور النجع، والغطاء الاجتماعي، هي كائنات لما قبل الدولة، وما قبل المدينة، وما قبل التعايش..
خرتيتُ القبيلة انقرض منذ زمان، ولا مكان له إلا في كتب التاريخ القديم، ومسلسلات كان زمان، ودكاكين المصالحة الوهمية..
طائرة الشعوب نزلت على رانوي نهاية الربع الأول من القرن الواحد والعشرين..
أمَّا من يعيشون بأثرٍ رجعي، فلا مكان لهم إلا ترانزيت القرون الوسطى..