منصة الصباح

التقشف الحكومي

مفتاح قناو

في الفترة القريبة الماضية طلب محافظ بنك ليبيا المركزي من رئيس مجلس النواب إصدار قرار بفرض ضريبة على مبيعات الدولار من البنك المركزي الليبي للمواطنين، وقد أعلن بأن دوافعه لهذا القرار هو وجود فائض من العملة مجهولة المصدر، لا يستطيع البنك المركزي تغطيتها بالعملة الصعبة، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فأن سعر الدولار في السوق الموازي سيتخطى عتبة 8 دينار، لذلك لابد من فرض ضريبة ترفع من سعر الدولار من 4.80 إلى 6.15 دينار مقابل الدولار الواحد، ومن الغريب أن رئيس مجلس النواب استجاب بسرعة فائقة لهذا الطلب واصدر منفردا دون مشورة أحد قراره بفرض الزيادة المطلوبة وهنا لابد من التوقف لفهم عدة نقاط :

أولا ) من المعروف أنه ليس من اختصاص رئيس مجلس النواب إصدار مثل هذا القرار، وأنه من اختصاص السلطة التنفيذية أي الحكومة التي من الواضح أنها ليست على وفاق مع المحافظ لذلك تجنب الحديث معها.

ثانيا ) سرعة الاستجابة من طرف رئيس مجلس النواب هي دليل على وجود مصلحة لدى عقيلة صالح في التغطية على نفقات موازية، وعلى طباعة مليارات من العملة التي قال المحافظ أنها مجهولة المصدر، لأن الجميع يعلم بالعلاقة غير الجيدة بين المحافظ وبين مجلس النواب في السنوات السابقة حتى أن مجلس النواب قد أصدر في وقت ما قرارا بإقالة المحافظ وتكليف السيد محمد ألشكري محافظا جديدا للبنك المركزي والذي اقسم بدوره اليمين القانوني في جلسة علنية لمجلس النواب، لكنه لم يستطع تنفيذ هذا القرار. وإلا فأنها كانت فرصة كبيرة لرئيس مجلس النواب ليعلن انحراف خصومه السياسيين، لكنه فضل الاستجابة لطلب المحافظ مع علمه ـــ وهو رجل قانون سابق ـــ بعد اختصاصه في إصدار مثل هذا القرار.

ثالثا ) تحميل الشعب السياسات الخاطئة للحكومة ومجلس النواب ومجلس الدولة وجميع الأجهزة الرقابية والتنفيذية والبنك المركزي، هذه الجهات هي التي تقوم بإهدار المال العام بشكل لم يسبق له مثيل، وعلى الشعب تحمل هذه السياسات النزقة وعليه أن يشد الحزام على بطنه فقد وصل الناس إلى حافة الجوع بعد غلاء السلع بشكل مبالغ فيه بحجة غلاء الدولار، فهذه الأجهزة الضعيفة والبائسة غير قادرة ــ على اقل تقدير ـــ على حماية المواطن الضعيف أمام جشع التجار، أنها من ترفع سعر العملة وتترك المواطن في مواجهة غول زيادة الأسعار دون أدنى حماية.

لا يكلف المسؤول في بلادنا نفسه عناء البحث عن حلول أخرى لا تتعب المواطن، بينما الحل واضح وجلي يكمن في اعتماد سياسة التقشف الحكومي، فالمواطن ليس سببا فيما يحدث، لأن الفساد الكبير في ليبيا يعلم الجميع أنه فساد حكومي من مختلف الأجهزة التشريعية والتنفيذية، لذلك لابد من تقشف الأجهزة الحكومية، وهذا التقشف يبدأ من تخفيض كبير في المرتبات لكل الأجهزة الحكومية دون استثناء، وغلق معظم السفارات في الخارج، وتقليص كبير لعدد العاملين فيما تبقى منها، فلا توجد أي مصلحة حاليا في وجود سفارات ليبية في الخارج لأن البلاد محتلة، ومن يتحكم فيها ويديرها هم الغرباء على كل الأصعدة من الجهات الحكومية العليا وصولا إلى سوق الخضار.

شاهد أيضاً

الخلع … بين الشريعة والقانون الليبي

 بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون ​ بعد الهجرة المحمدية وانتشار الإسلام حاول رسولنا …