فتحية الجديدي
سؤال في غاية الأهمية وجب طرحه في هذا الوقت لأسباب أكثر من مهمة ومفاده : هل أصبحنا نعيش في زمن التملق من أجل مصلحة شخصية وتحقيق أكبر مكسب لـ«الأنا»؟ لأننا بتنا بالكاد نتلمس خطواتنا وسط حلكة تحيط بنا ونجد أثرها مؤلماً بفقد روح كانت تصنعها دوائر الخير من أصحابها؟ أضحى كثيرون يجيدون التملق علي حساب القيمة الموجودة والتي اكتسبناها من وجودنا ضمن وسط يحترمنا ويقدر مسيرتنا بكل مافيها من جهد ومثابرة ونجاح وإخفاق، وبات جلياً أن البيئة المحيطة والتي يفترض بها أن تكون أرضًا صالحة للعمل المشترك وتحقيق تناغم دون مقايضة لم تعد موجودة، ووئدت كذلك قيم الزمالة والمعايير الإنسانية والأخلاقية والمهنية، وغادر بعيداً وبكل أسف الصفاء والصدق وحتى الانتماء للجماعة الواحدة التي تمثل ثقلاً يحميها ويكون لها غطاءً غير مشروط لعناصرها. بات الراعي الرسمي للكره هو من يحمل عصاة السحرية للقضاء علي زمالة امتدت لسنوات وصناعة نهاية لتوليفة مسبقة نسجت لتكون شاهدة على سرائر أصحابها. الأمر الذي ترك المكان خاليًا وما عاد يقودنا إلا الشغف لمهنة عشقناها وأخذت الكثير من ملامحنا وشبابنا وصارت لغتنا خرساء. زميلي الذي انتقل وأخذ أوراقه وحقيبته السوداء الصغيرة ونكته المختصرة وأسئلته الحشرية أحيانًا وزميلتي التي غادرتم علنة رفضها لذلك الكره ومعها قصصها وبعض من مواقفها والثالثة التي فضلت الابتعاد عن معارك الضغينة لينعم من يقودون الحروب بمواقعهم الواهمة في فراغ إنساني أكثر قسوة من الغياب. لكن مؤكد أن هناك ثمناً لكل شيء.. حتي لفضّ الزمالة، لأنها أتت من أجل المنفعة وتدوير المرحلة ودفع قربان لها، وفي كل مرة ضحية ولو كانت ضربة لصالح الغريب ولا نستغرب ذلك عندما تأتي من الساحر المقيم وسطنا ومن سلمت له مفاتيح الشر وكان عرابًا له وسرعان ما تتوطد القطيعة عندما يحرك النفعيين، حالنا في ذلك حال الأوساط الاكثر شراسة وحدة في التعامل. خسارة متكررة وفراغ يقتل المكان وسط سعود لنرجسيات وأمزجة ومصالح شخصية علي حسابنا في عصر الخسارات.