منصة الصباح

خطايا خوليتا

 

طارق الشرع

معلمة أدب كلاسيكي « خوليتا « تلتقي بصياد بحري « شوان « في رحلة محلية على متن قطار فتنشأ بينهما علاقة تنتهي بالزواج والظفر بطفلة « انتيا « ، بعد سنوات يقرر « شوان « الذهاب للصيد في أجواء عاصفة كرد فعل على شجار حدث مع « خوليتا « ليلقى فيها مصرعه ، الأمر الذي سيلقي بظلاله على حياة « خوليتا « بالسلب إلى الحد الذي تفقد فيه علاقتها بابنتها إلى الأبد ، فيلم « خوليتا « إخراج الإسباني المميز « بيدرو ألمودوفار « .

« خوليتا « في الفيلم تجسد رمزاً لمواجهة متلازمة الخطيئة والعقاب ، الخطيئة في عالمها لا تقوم بالضرورة على النوايا السيئة فيكفيها فقط فعل الممارسة ، الخطيئة عند «خوليتا « تقتات على سقوط الآخر بمعزل عن الدافع وإن لم يكن قائماً في الأصل ، الخطيئة عندها تتأسس أولاً على الإحساس بالذنب بسبب انتحار رجل القطار بعد أن رفضت الحديث معه ، ورغم محاولة «شوان» قتل هذا الإحساس في مهده إلا أنه تطور مستقبلاً بموت «شوان» نفسه ، ومرة أخرى لم يكن  حوارها مع « شوان « قبل وفاته مباشرة ليشكل دافعا حقيقياً لذهابه في رحلة الصيد التي أودت بحياته ، في المقابل ستكون حياة «خوليتا» وسقوطها هذه المرة مصدرا لذنب سيطارد ابنتها « انتيا» طيلة حياتها ويزج بها وسط ذات الدائرة التي طوقت والدتها ، فشعورها بالذنب اتجاه انتحار رجل القطار ( خطيئة ) أدى إلى موت زوجها مستقبلاً ( عقاب )  لأنها فضلت الجلوس معه في ذات الرحلة ، والذنب في موت زوجها ( خطيئة ) بسبب إحساسها بدفعه للذهاب لرحلة الموت ، أدى إلى ترك ابنتها وهجرها لها طيلة ما تبقى من حياتها ( عقاب ) ، فإن ابنتها « انتيا « ستعاقب على هذا الذنب ما تبقى من حياتها بموت ابنها غرقاً ، الفاصل في الفيلم من هذا الجانب تمثل في حياة والد «خوليتا» الذي استمر مدافعاً عن منظومة حياته التي تحفل بمبرراتها الإنسانية في مواجهة ضغط «خوليتا « المستمر لجره نحو عالمها المتجرد ، فاستعانة والدها بامرأة أخرى للاهتمام بحياته وحياة « والدة خوليتا « المقعدة ، واضطراره إحكام قفل الغرفة على الزوجة المقعدة في غيابه خوفاً عليها ،لا يمثل عند الوالد ذنباً مادام سيجد فيما يفعل الحل الأنسب لاستمرار حياته بشكل أفضل ، هذا الاختلاف في طريقة تعامل الوالد سيكون بمثابة المؤشر لتحقيق مسار مغاير للحياة ، مسار يقوم على إيجاد مبرر إنساني لكل ما نواجهه ونقوم به ، ففي نهاية الأمر ستتوقف الحياة عند خوليتا وهي تطارد خطاياها في كل عقاب يواجهها ، بينما لن يجد الوالد في هذا اعقاب أكثر من إشكالية عابرة بالإمكان تجاوزها .

شاهد أيضاً

المنفي يبحث عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بطرابلس

  ناقش رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بالعاصمة طرابلس. جاء …