خلود الفلاح
وصل كتاب “النظرة النُّظمية للحياة: رؤية موحدة” للباحثين، الإيطالي بيير لويجي لويزي والنمساوي فريتجوف كابرا، إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز ابوظبي للغة العربية، في دورتها الثامنة عشر لعام 2023-2024 لفرع “الترجمة”.
هذا الكتاب الذي نقله إلى اللغة العربية المترجم الليبي مأمون الزائدي، صدر عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع في 2023.
ويقول مأمون الزائدي: اشعر بالسعادة دون شك والجائزة لاتزال في مرحلتها الأولى وأتمنى من الله أن يكلل الجهود التي بذلت من أجل تقديم هذا الكتاب للقارئ العربي بالنجاح. ولا أنسى أن اشكر كل القائمين على هذه الجائزة التي يسميها البعض نوبل العرب وكقارئ كل من ساهم في اعداد الكتاب وطباعته واخراجه بهذا الشكل القشيب كما يقولون والرائع.
وعلى جانب آخر ـ يتابع مأمون الزائدي ـ أما عن ترجمة الكتاب فكنت قد ترجمت كتابا قبله هو “غريزة الاقتداء” للباحث جيرمي لنت وقد تطرق لأعمال الباحث المعروف فريتجوف كابرا ونظرته النظمية للحياة باعتبارها نظاما متكاملا مكوناً من مجموعة أجزاء تعمل معا وبشكل مستقل في آن واحد. وذلك في إطار ما كان يسميه لنت أساسا للتاريخ المعرفي أو قراءة التاريخ وإعادة كتابته معرفيا. ثم اقترح عليّ الناشر الكريم الأستاذ أيمن الغزالي هذا الكتاب فاشتغلت عليه على الفور. فالكتاب يقدم آخر ما توصل إليه العلم فيما يخص تعايش الانسان في بيئته ومع عناصر هذه البيئة من كائنات وحتى أفراد من نفس جنسه. وباتباع الفرضيات الواردة فيه يتجنب صناع القرار الكثير من الأزمات التي نشأت نتيجة للتفكير الاختزالي غير النظمي وكان فرصة جيدة لأن نقدم كتابا أساسيا ومميزا للقارئ وصانع القرار العربي.
وإذا رغب القارئ في أن يفهم التحول الثقافي الكبير الذي مررنا به على مدى مئات السنين الماضية (عبر العلوم الفيزيائية والاحيائية والاجتماعية) من النظرة العالمية الآلية إلى ظهور ما يسميه المؤلفان النظرة “النظمية” – كرؤية عالمية ترى العالم من حولنا من حيث الشبكات والأنماط والأنظمة المعقدة والمتفاعلة الحية أو الشبيهة بالحية وليس من حيث لبنات البناء المنفصلة التي تتفاعل بطرق خطية ومتسلسلة مفتوحة لأشكال محددة من التنبؤ والتحكم – فهذا هو الكتاب الذي يجب عليه قراءته الآن.
وحول كتاب” النظرة النُّظمية للحياة: رؤية موحدة” كان هذا الحوار مع المترجم مأمون الزائدي:
الحياة والوحدة
بحسب المترجم مأمون الزائدي، يقدم الكتاب نظرة جديدة للحياة مبنية على فرضية بسيطة: هي أن الحياة عبارة عن شبكة ذاتية التنظيم لا تنشأ فيها الخصائص الأساسية من الأجزاء المكونة نفسها، بل من تكوين العلاقات داخل النظام المتكامل ككل، ويضيف: “يرشدنا المؤلفان عبر مجموعة مذهلة من التخصصات العلمية، ويكشفان عن التداعيات المفاجئة لهذا التغيير الدقيق في المنظور. من وجهة نظر الأنظمة، ليس للأجزاء معنى ككيانات معزولة؛ بل يتم تعريفها فقط من خلال الترابط بينها؛ إنها أنماط لا يمكن فصلها داخل الشبكة الأكبر. يمثل هذا النهج تناقضًا صارخًا مع وجهة النظر السائدة للتحليل الاختزالي، ويشرح المؤلفان كيف شكلت الاختزالية ثقافتنا على حساب البيئة التي نعيش فيها.”
ويرى صاحب كتاب “نار فارسية” أن توجه الرؤية النظمية للحياة القراء مع التوسع العقلاني للذات نحو الوحدة مع نسيج الحياة والوحدة مع الكون. كل تمييز نفترضه كأفراد، كأمم، وكنوع، ينهار تحت هذا التدقيق الصارم. وعندما نتخلى عن كبريائنا الفردي، فإننا نتيح المجال بدلاً من ذلك للتعاون الشامل. ولا شيء أقل من هذا النوع من التحول الأساسي في الهوية ما سوف يجهزنا لمواجهة الأزمات العالمية المتعددة الأوجه التي خلقناها في المحيط الحيوي بسبب قرون من لتباعنا للنظرة الاختزالية.
وأفاد صاحب كتاب ” خيارات متعددة” يعرض كتاب الرؤية النظمية للحياة في سياق العديد من التخصصات الأكاديمية بما في ذلك: التاريخ، والفلسفة، والاقتصاد، والفيزياء، وعلم الوراثة، والرياضيات، وعلم البيئة، وعلم الأحياء، والتطور، والكيمياء، واللسانيات المعرفية، والروحانية، وعلم الاجتماع، والطب، وعلم المناخ. فعندما ننظر إلى العالم من حولنا، نجد أننا لا نقع في الفوضى والعشوائية ولكننا جزء من نظام عظيم، وسيمفونية عظيمة. علاوة على ذلك، فإننا لا نتشارك جزيئات الحياة فحسب، بل نتشارك أيضًا مبادئ تنظيمها الأساسية مع بقية العالم الحي. وبما أن أذهاننا أيضًا متجسدة، فإن مفاهيمنا واستعاراتنا مدمجة في شبكة الحياة مع أجسادنا وعقولنا. في الواقع، نحن ننتمي إلى الكون، وتجربة الانتماء هذه يمكن أن تجعل حياتنا ذات معنى عميق.
ويتابع: يقدم كابرا ولويزي نظرة عامة رائعة على نظرية النظم، وكيف تطورت، وكيف غيرت فهمنا للحياة. ويستكشف المؤلفان بعد ذلك كيف يمكن استخدام التفكير النظمي للقضاء على العديد من المشكلات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى إنتاج طرق معيشة مستدامة وأكثر صحة وأكثر ترابطًا وأكثر إنتاجية. من أجل منع الكوارث البيئية وإنتاج عالم أفضل. يغطي هذا الكتاب. العديد من المواضيع الرائعة، بما في ذلك التطور، والوعي، والفوضى، والهندسة الكسورية، والتعقيد، والنشوء، والمحاكاة البيئية. قد يلاحظ على الكتاب انه يعكس مشاعر مناهضة للرأسمالية المتكالبة المسيئة للبيئة ومعادية للذكورة العدوانية السامة. كما كان الكتاب أيضًا “روحيًا” إلى حدٍ ما. على الرغم من أنه علمي في المقام الأول، إلا أنه أعطى المفاهيم الدينية وزنًا كبيرًا جدًا.