منصة الصباح

مشجب العرب

مشجب العرب

محمود السوكني

العرب عموماً بإختلاف صفاتهم و تباين مراكزهم يجمعون على أنها عديمة الفائدة و لا طائل منها . كلهم يستنكرون ما يصرف عليها و إن كان شحيحاً ، و يستكثرون عليها ما تعقده من إجتماعات أو تدعو له من لقاءات يرونها إضاعة للوقت ليس أكثر ، يحملونها نكباتهم، و ينسبون إليها أسباب فشلهم ، و يوصمونها بأقدع التهم و أحطّ الصفات حتى يتراءى للمرء أنها وحدها من اوصلت أمة العرب إلى هذا المنحدر !!

جامعة الدول العربية لمن لا يعرف و لمن يعرف و لا يريد أن يعرف هي مرآة تعكس حال العرب ليس أكثر ، و لا تملك أن تكون غير ذلك وفق نظامها الأساسي . هي مجموعة من الموظفين الذين ينظمون إجتماعات سادتهم من حكام و مسئولين عرب من الأقطار العربية المنتسبة للجامعة و تتمتع بعضويتها . هؤلاء الموظفين ليسوا سوى خدم لحكومات الدول الأعضاء ولا يمكنهم أو بالاحرى لا يجوز لهم أن يتصرفوا خارج هذا الإطار. لا يمكن للأمانة العامة للجامعة إلا أن تدعوا لإجتماعات مبرمجة مقدماً إذا توفر لها شروط الإنعقاد التي من بينها أن تُطلب من أحد الأعضاء أو أكثر ، و أن يتوافر لها نصاب الإنعقاد ؛ غير ذلك لا يمكن أن يعقد لها او لتوابعها لقاء مهما حصل .

و … عندما يُعقد الإجتماع الذي قد يتوقف عليه مصير الأمة برمتها ، يتمخض عن ما يتكرم به الحضور الذين ينقلون – بالطبع – مواقف حكوماتهم و لا يتجاوزوا ذلك و ان كان مخالفا لوجهة نظر الأمانة العامة للجامعة ، حتى إجتماع القادة العرب لا يصدر عنه قرار -قد تتوق لسماعه الجماهير- إلا إذا حصل على إجماع الآراء- وليس الاغلبية – حسبما يقضي به ميثاق الجامعة . يجب أن يترسخ في اذهاننا جميعاً أن جامعة الدول العربية ليست كياناً موحداً له شخصيته المستقلة التي تملك الحق في قول ما تؤمن به و تقتنع بصحته بل هي بوق يطلق تخرصات من يموله و يغطي تكاليفه و أجور بيادقه .
اذن فما جدوى بقاء هذا الكيان ؟ و ما الفائدة من إستمراره ؟!

اذا ما تغاضينا عن هزال مواقفها السياسية ، و خواء قراراتها فإن جامعة الدول العربية تشرف وتدير مجموعة هائلة من المنظمات التي تخدم الأمة العربية على المستوى التقني أو الإنساني، والعديد من المؤسسات العلمية و الفنية بفروعها المتعددة كلها تقدم خدمات جليلة لشعوب هذه الأمة. و هذا الجانب وحده – في تقديري – الذي يمكن أن تحاسب على أدائه لأنها تملك أسباب التحكم في مقاديره و هي وحدها التي تُسأل عن نتائجه . في الختام يجب أن لا ننسى أنها -اي جامعة الدول العربية- بيت العرب الوحيد الذي يجمعهم ، فلنتوقف عن تعليق مخازينا على مشجبها .

شاهد أيضاً

حكايتان (2)

زكريا العنقودي   1-رحم المنامات !!   لم يعش سوى لحظات..لكن بكاه الجميع ، وحين …