منصة الصباح

هكذا كانت البداية

هكذا كانت البداية

———————-محمود السوكني———–

في مثل هذا اليوم منذ ستة وخمسون عاماً قادتني قدماي المتعثرتان إلى ميدان 9 أغسطس حيث يقع مقر صحيفة طرابلس الغرب وتجاورها إدارة المطبوعات ، في الأولى علم الصحافة وأستاذها “محمد فخرالدين” المعروف بإسم (أبو خطوة) وفي الثانية يتربع الخبير الإعلامي المحنك الأستاذ “محمد بن زيتون” . عندما يتاح لشاب في مقتبل العمر لازال يتعثر في خطواته الأولى أن يُعِد تحقيقاً مُدعَماً بصور إلتقطها مصور صحفي في قامة الأستاذ “محمد كرازة ” فهذا يعني أن السماء إنفرجت تغدق بعطاياها على العبد الضعيف ، وعندما يصحح محاولاتك الأولى مدقق لغوي ذو نظرة ثاقبة تفرز الغث من السمين كالأستاذ المحنك ” قاسم حمَاد ” فذاك يعني أن الحظ حليفك دون ريب ، وعندما تُجاز مادتك الصحفية من أستاذ تخرج على يديه أشهر أعلام الصحافة وأكثرهم ذيوعاً وهو من يعتمدك صحفيَاً تنشر مادته مذيلة بإسمه كأستاذ الصحافة وفارسها بلا منازع في ذاك الوقت الأستاذ الكبير ” محمد الشاوش ” فأنت حتماً ممن لُبيت دعواتهم وأستجاب القدر لتوسلاتهم وهذا ما كان رغم أن أستاذنا ” محمد الشاوش ” وبطريقته المتشددة في التربية التي كان يحرص عليها في إعداده للصحفيين الشباب الذين يحظوا برعايته ذيّل محاولتي الأولى بإسم “محمود بشير” وأسقط اللقب متعمداً وهو ماحز في نفسي وإن لم يمنعني من شراء عشر نسخ من ذلك العدد من مصروفي الشحيح الذي كنت ادخره لهذه المناسبة لأقوم بعد ذلك بتوزيع النسخ على من صادفني في ذلك اليوم المشهود ونسيت في زحمة (العُرس) أن أحتفظ لنفسي بواحدة منها !! أسعدني بالطبع أن تنشر محاولتي تلك بين اسماء لامعة كالأستاذ الطاهر النعاس والأستاذ محمد التركي التاجوري ومعبود الشباب أنذاك الأستاذ عبدالسلام دنف المسلاتي وغيرهم من الأسماء الشهيرة التي كانت معرفتها فخر فما بالك بمزاملتهم في نفس المطبوعة ، الذي آلمني حقاً أن تكون البداية والجريدة تلفظ أنفاسها الأخيرة إذ صدر قرار بتغيير أسماء الصحف الثلاث “برقة” و”طرابلس الغرب” و”فزان” إلى “البلاد” و”الوطن” و”العلم” وبذا فقدنا أقدمية صحيفة “طرابلس الغرب” التي كانت بإحتساب تاريخ صدورها أقدم صحيفة في الوطن العربي إذ صدرت قبل صحيفة “الأهرام” بعشر سنوات وقد أضعنا هذه الميزة بتعديل إسم الصحيفة التي لم يتغير فيها شيء يستحق الذكر سوى إسمها !!

شاهد أيضاً

الخلع … بين الشريعة والقانون الليبي

 بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون ​ بعد الهجرة المحمدية وانتشار الإسلام حاول رسولنا …