منصة الصباح

هكذا تكلم كراكسي !

نقطة بيضاء

بقلم / د. ابولقاسم صميدة

العبودية والرق والهجرة غير الشرعية ثلاث موضوعات متقاطعه يجمعها التاريخ والجغرافيا والسياسة مع الاقتصاد والقوة والفكر هى محور كتابي الجديد الذى صدر منذ فترة بالقاهرة عن دار نشر النديم للصحافة والتوزيع تحت عنوان (هكذا تكلم كراكسي ؛ العبودية الرق الهجرة غير الشرعية) والكتاب الذى تناول تلك الموضوعات برؤية رئيس وزراء ايطاليا الراحل بتينو كراكسي جاء لعدة أسباب ، منها ان كراكسي ينتمى للحزب الايطالى الوحيد الذى وقف ضد احتلال ايطاليا للأراضى الليبية عام 1911م ، وقد أدان تلك الحرب على الشعب الليبي ، ومنها ان كراكسي وحزبه كانا مع الشعب الجزائرى فى حربه ضد الاستعمار الفرنسى ، ومنها ان كراكسي هو راعى بيان البندقية الشهير الذى صدر عن الاتحاد الاوروبي واعترف بان منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى ، ومنها انه استقبل ياسر عرفات فى بيته عدة مرات وانه كان يدعو لاعطاء الفلسطينيين الحق فى تقرير مصيرهم ، ومنها انه رفض منطق القوة ومنع تسليم ( ابو العباس ) ومجموعة من الفلسطينيين الى الولايات المتحدة وتسبب فى ازمة كبيرة مع امريكا ، ومنها انه نبه قبل عشرات السنين الى مشاكل الفقر والهجرة والعبودية الحديثة والرأسمالية المتوحشة ، ونبه الى خطورة التسلل الصينى فى افريقيا والشرق الاوسط ، ومن تلك الاسباب التى دعتنى لاصدار هذا الكتاب هو ان كراكسي هو الأب الروحى لبرلسكونى الذى اعتذر للشعب الليبي عن فترة الاحتلال ، وهكذا فكراكسى شخصية سياسية غربية تستحق الدراسة والمعرفة ، خصوصا وانه انهى حياته لاجئا فى تونس بعد ان حٌكم عليه بالسجن ، حيث اوصى بأن يدفن فى ارض تونس ، وقد توفى قبل عشرين عاما وورى الثراء بمنطقة الحمامات بشمال تونس ، ويربط الكتاب بين كراكسي ذو الجذور الرومانية برمزية روما وبين ارض تونس برمزية قرطاج والفينيقيين وهانيبال ، ويجمع الكتاب بين شخصية هانيبال عدو روما التاريخى وبين كراكسي عدو التعصب والسيطرة والمناصر لحرية تقرير المصير للشعوب، ويسلط الكتاب الضوء على مراحل الصراع بين الشمال والجنوب وبين صراع روما وقرطاج ونتائج ذلك ، وهو نفس الصراع القائم الان بين الشرق والغرب ، وما آلت اليه الوقائع العالمية من تفاوت بين الجنوب والشمال وماترتب على سياسة العبودية والرق القديمة وتجلياتها من سيادة الرأسمالية المتوحشة على مقدرات الدول والشعوب ، وهو ما انتج علاقات غير متوازنة كانت سبب فى ظاهرة الهجرة غير الشرعية التى اصبحت مشكلة عالمية وتعانى ليبيا من نتائجها ، وخصص الكتاب عدة فصول لمعالجة تلك الموضوعات ، كما افرد الكتاب الفصل الاخير للحديث عن فلسفة كراكسي ورؤيته المستقبلية لمشاكل العالم ، وكيف ان كراكسي سبق وقته بتحذير العالم من نتائج التفاوت فى الغنى والتنمية بين دول العالم ، لان ترك الدول الفقيرة بدون مساعدة ستنتج عنه كوارث عالمية وهجرات جماعية وصدامات خطيرة ، والكتاب يقدم وجهة نظر موضوعية لمعالجة الكثير من المشاكل السياسية ، ولأن ليبيا تمر بأزمة كبيرة فهى تتطلب النظر ودراسة تجارب الشعوب الاخرى ورأى الساسة مهما كان انتمائهم وخصوصا المناصرين للحرية والمعادون للاحتلال والقهر.

شاهد أيضاً

فتح أبواب المدارس أيام السبت لطلبة شهادتي الأساسي والثانوي

  الصباح وجه وزير التربية والتعليم موسى المقريف اليوم كتابا الي مراقبي الوزارة بالبلديات، وجه …