منصة الصباح

نقاد‭ ‬بلا‭ ‬منهج‭ ‬وكتاب‭ ‬بلا‭ ‬قضية‭!!‬

نقطة‭ ‬نظام

بقلم /فوزي‭ ‬البشتي

تميز‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬بكونها‭ ‬دراسة‭ ‬منهجية‭ ‬فيها‭ ‬يستعين‭ ‬الباحث‭ ‬بنهج‭ ‬معين‭ ‬بالتراث‭ ‬يطبقه‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة،‭ ‬وقد‭ ‬بات‭ ‬المنهج‭ ‬من‭ ‬لزوميات‭ ‬الدراسة‭ ‬الحديثة‭ ‬فاذا‭ ‬افتقد‭ ‬شابها‭ ‬عيب‭ ‬كبير‭ ‬ونظر‭ ‬إليها‭ ‬الباحثون‭ ‬والأخرون‭ ‬والقارئون‭ ‬معاً‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يركن‭ ‬إليه‭ ‬أو‭ ‬يعتمد‭ ‬عليه‭.‬
وليس‭ ‬لزاماً‭ ‬أن‭ ‬يستعمل‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دراساته‭ ‬منهجاً‭ ‬واحداً‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬فقد‭ ‬يتوصل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬منهجا‭ ‬ما،‭ ‬وفي‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬منهجاً‭ ‬اخر‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬المنهج‭ ‬من‭ ‬إسداء‭ ‬خدمة‭ ‬قدمت‭ ‬للباحث‭ ‬أو‭ ‬للبحث‭ ‬كأن‭ ‬يضيء‭ ‬نصاً‭ ‬أو‭ ‬يجلو‭ ‬واقعة‭ ‬أو‭ ‬يوصل‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالأمكان‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬دونه‭.‬
ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬منهج‭ ‬معين‭ ‬بالذات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدراسات‭ ‬يخدم‭ ‬الحقيقة‭ ‬المعملية‭ ‬أو‭ ‬التاريخية‭ ‬أو‭ ‬الادبية‭ ‬المراد‭ ‬إثباتها‭ ‬فقد‭ ‬يتمكن‭ ‬المنهج‭ ‬المادي‭ ‬التاريخي‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬من‭ ‬اداء‭ ‬خدمة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬أي‭ ‬خدمة‭ ‬تذكر‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬اخر‭ ‬فلابد‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬منهج‭ ‬اخر،‭ ‬هكذا‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العلماء‭ ‬المعاصرون‭ ‬عقائديين‭ ‬متشددين‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬التزام‭ ‬منهج‭ ‬معين‭ ‬بالذات‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الدراسات‭ ‬فالمنهج‭ ‬وسيلة‭ ‬لا‭ ‬غاية‭ ‬والعبودية‭ ‬للمنهج‭ ‬تساوي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬فقدان‭ ‬المنهج‭ ‬وبخاصة‭ ‬اذا‭ ‬التزم‭ ‬الباحث‭ ‬المنهج‭ ‬التزاما‭ ‬حرفيا‭ ‬وسعى‭ ‬لإثبات‭ ‬صحته‭ ‬وصوابه‭ ‬لا‭ ‬إثبات‭ ‬أداة‭ ‬نافعة‭ ‬في‭ ‬يده،‭ ‬فعندها‭ ‬نكون‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬العبودية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬العبارة‭ ‬وكلا‭ ‬الموقفين‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬لهما‭ ‬في‭ ‬منطق‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭.‬
ولكن‭ ‬الخوف‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المنهج‭ ‬والمنهجية،‭ ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليهما،‭ ‬ولكن‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬مسائل‭ ‬أخرى‭ ‬تتصل‭ ‬باستعمال‭ ‬المنهج،‭ ‬أولها‭ ‬العبودية‭ ‬للمنهج،‭ ‬فبعض‭ ‬كتابنا‭ ‬يلوون‭ ‬عنق‭ ‬النصوص‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأكيد،‭ ‬أن‭ ‬المنهج‭ ‬المادي‭ ‬التاريخي‭ ‬أو‭ ‬المنهج‭ ‬الماركسي‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬هو‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬وبعض‭ ‬الكتاب‭ ‬الآخرين‭ ‬يفعلون‭ ‬الشئ‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إثبات‭ ‬صحة‭ ‬منهجهم‭ ‬كأننا‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬عمل‭ ‬حزبي‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬وكأن‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬التعصب‭ ‬لعقيدة‭ ‬من‭ ‬العقائد‭ ‬السياسية‭ ‬لا‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إثبات‭ ‬حقيقة‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬العبودية‭ ‬للمنهج‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬تطبيق‭ ‬المنهج‭ ‬تطبيقاً‭ ‬سيئاً‭ ‬وأسباب‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرة،‭ ‬إن‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬هي‭ ‬صنعة‭ ‬علماء‭ ‬مقتدرين‭ ‬مجهزين‭ ‬تجهيزاً‭ ‬جيداً‭ ‬ولديهم‭ ‬إحاطة‭ ‬شاملة‭ ‬بقضايا‭ ‬كثيرة،‭ ‬فإذا‭ ‬تسرب‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬إعداداً‭ ‬علمياً‭ ‬وروحياً‭ ‬كافياً‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتوقع‭ ‬الكوارث‭ ‬وهكذاً‭ ‬يستوي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الجهل‭ ‬بالمنهج‭ ‬وتطبيقه‭ ‬تطبيقاً‭ ‬سيئاً‭ ‬والمهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نصل‭ ‬بالمنهج‭ ‬يوماً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلنا‭ ‬بالحداثة‭ ‬لقد‭ ‬ظللنا‭ ‬نسيء‭ ‬إليها‭ ‬وإلى‭ ‬روحها‭ ‬وإلى‭ ‬مفاهيمها‭ ‬الايجابية‭ ‬حتى‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬جنة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬نكتة‭

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …