منصة الصباح
جمعة بوكليب

ناصح ومنصوح وبينهما…

جمعة بوكليب

زايد..ناقص

النصيحة كانت في زمان مضى تُشترى بالمال. وفي أيامنا هذه، لا أعتقد أن أحدًا منّا في حاجة إليها. النصيحةُ أحتاجَها الناسُ أيام زمان، وقت كانت الدنيا دنيا، وكانت النيّة الطيبة تجد لها ملاذًا ومُستقرًا في قلوبِ عبادٍ يَصدِقونَ القول ويُصدّقون ما يسمعون. لكن اليوم، كما يقول مثل شعبي، “كل واحد عقله في رأسه، وشيطانه في جيبه.” رغم أنّي أشكك في حكاية العقل في الرأس، ومتيقنٌ مما تحمل وتخبيء الجيوب.

هناكَ مقولةٌ قديمةٌ تَحضُّ على النصيحة تقول ” الدِينُ نصيحة.” ويقابلها على الجهة الأخرى مثلٌ شعبي يُحذّر منها يقول: ” كان نصحك العربي نصف النصيحة ليه.” وفي المسافة بين الاثنين، عندك من الوقت ما يكفي لكي تبحث وتفكر في أيّهما الأصحُّ، أو أيّهما الأصدقُ، أم أيّهما الأصلحُ بك، ويناسبُ ما تخبيء في قلبك من نوايا!

 

الناسُ لا تتوقف عن إسداء النصائح. افتح جهاز تلفزيون، تجد حتى مقدمي البرامج الرياضية لا يتوقفون عن اسداء النصائح للمشاهدين والحكام والمدربين واللاعبين والمسؤولين، عملاً بمبدأ “ما فيش حد خير من حد.” هناك تنافسٌ على إبداء نصائح فارغة المحتوى من أناس فارغي المحتوى، أو بنيّة الإحتيال والنصب.

أنا حقيقة، ومنذ زمن طويل نسبيًا، صرتُ منحازًا إلى المثل الذي يؤكد على أن الناصح لا يقدم نصيحته للمنصوح لوجه الله، وبنيّة فعل الخير. لو دققتم في الأمر، لاكتشفتم أن الشيطان، خزاه الله، يكمن في التفاصيل الصغيرة التي لا تستطيع قراءتها إلا بمجهر.

لماذا لا يتوقف الناسُ عن إسداء النصائح إلى الغير، ويركزون على الإهتمام بشؤونهم؟ سؤالٌ مشروعٌ لكن بلا إجابة مقنعة. وأنا لا أعرف له إجابة. ولهذا، تعلمتُ أن أهتم بشؤوني، وأتركُ شؤون الآخرين للآخرين، لعلمي المؤكد والموثّق أن كل واحد فينا ربما لا يحمل عقله في رأسه كل الأوقات، لكنّه بالتأكيد يحرص جدًا على حمل وإخفاء أكثر من شيطان في جيوبه.

شاهد أيضاً

هاشم شليق

فتح الباب قبل أن يرن الجرس!

المراهقة تحدث فيها تحولات ملموسة في المشاعر وطريقة التفكير..وفي ليبيا موجودة هذه الفئة العمرية في …