منصة الصباح

ناشونال‭ ‬إنترست: ‬ المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ضيع‭ ‬فرصا‭ ‬كثيرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وعلينا‭ ‬شجب‭ ‬الدور‭ ‬الفرنسي

الصباح‭ ‬–‭ ‬وكالات‭ ‬
قال‭ ‬جيفري‭ ‬ستاسي،‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والمستشار‭ ‬الحالي‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إن‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الليبية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬مسرحا‭ ‬لفيلق‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬جديدة‭.‬
ففي‭ ‬مقال‭ ‬بصحيفة‭ ‬مجلة‭ ‬“ناشونال‭ ‬إنترست”‭ ‬قال‭ ‬‮«‬‭ ‬جيفري‭ ‬‮«‬‭ ‬وهو‭ ‬مؤلف‭ ‬كتاب‭ ‬سيصدر‭ ‬قريبا‭ ‬بعنوان‭ ‬“صعود‭ ‬الشرق،‭ ‬نهاية‭ ‬الغرب”،‭ ‬ناقش‭ ‬ما‭ ‬سماه‭ ‬“الإرث‭ ‬الليبي‭ ‬وقصة‭ ‬منع‭ ‬النزاع‭.. ‬قال‭ ‬أن‭ ‬ليبيا‭ ‬تبدو‭ ‬المرشح‭ ‬الأخير‭ ‬لتدخل‭ ‬خارجي‭ ‬لا‭ ‬تهديد‭ ‬فيه‭ ‬بهدف‭ ‬منع‭ ‬النزاع‭. ‬لكن‭ ‬الدول‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬تهدد‭ ‬بتحويل‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬تنافس‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬سوريا‭.  ‬وقال‭ ‬جيفري‭ ‬ستاسي‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬لقد‭ ‬انضمت‭ ‬جماعات‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬إلى‭ ‬معركة‭ ‬ليبيا،‭ ‬وقطعوا‭ ‬صادرات‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬النفط‭. ‬وتحول‭ ‬البلد‭ ‬وبطريقة‭ ‬مدهشة‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬تعلم‭ ‬العالم‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬من‭ ‬“المسؤولية‭ ‬للحماية”‭ ‬إلى‭ ‬“القيادة‭ ‬من‭ ‬الخلف”‭ ‬و”اليوم‭ ‬التالي”،‭ ‬وتبدو‭ ‬مفارقة‭ ‬ساخرة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مأساوية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬منع‭ ‬النزاع‭.‬
وأضاف‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬تهدد‭ ‬بتحويل‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬تنافس‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬سوريا
فمنع‭ ‬الحرب‭ ‬يظل‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنطونيو‭ ‬غويترش‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬المهمة‭ ‬صعبة‭ ‬،‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬الحكمة‭ ‬التقليدية‭ ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬ليبيا‭ ‬مستنقعا‭ ‬لعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والفتنة‭ ‬ومثالا‭ ‬نموذجيا‭ ‬عن‭ ‬صعوبة‭ ‬منع‭ ‬النزاع‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬بعد‭ ‬وقفه‭.‬
‭ ‬وباختصار‭ ‬فهي‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الأمم‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬قراءة‭ ‬لتاريخ‭ ‬البلد‭ ‬بعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالقوة‭ ‬بمعمر‭ ‬القذافي‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تمتع‭ ‬البلاد‭ ‬بالاستقرار‭ ‬لمدة‭ ‬عامين‭ ‬قبل‭ ‬دخولها‭ ‬بالفوضى،‭ ‬وعام‭ ‬أو‭ ‬عامين‭ ‬قبل‭ ‬انزلاقها‭ ‬إلى‭ ‬نزاع‭ ‬متقطع‭. ‬ولو‭ ‬وضعنا‭ ‬جانبا‭ ‬الأسطورة‭ ‬حول‭ ‬دخول‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬القذافي‭ ‬والنظرة‭ ‬الفاحصة‭ ‬للأيام‭ ‬الواعدة‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬التالية‭ ‬والفرص‭ ‬التي‭ ‬أضاعها‭ ‬الغرب‭ ‬لمنع‭ ‬حدوث‭ ‬النزاع‭ ‬لاكتشفنا‭ ‬حالة‭ ‬كاشفة‭.‬
فلم‭ ‬ينتشر‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬ميزان‭ ‬القوة‭ ‬بالانحراف‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬السياسيين‭ ‬والبيروقراطيين‭ ‬على‭ ‬السلطة‭. ‬ففي‭ ‬المجال‭ ‬التي‭ ‬تطلق‭ ‬عليه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عملية‭ ‬بناء‭ ‬السلام،‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬بلغة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬هي‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار،‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭ ‬بلغة‭ ‬الناتو‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬التركيز‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬غير‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬النزاع‭.‬
ومن‭ ‬النادر‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬منع‭ ‬النزاعات‭ ‬لأنها‭ ‬صعبة‭ ‬التحقق‭ ‬ولعدم‭ ‬وجود‭ ‬فرص‭ ‬أو‭ ‬أمثلة‭ ‬ناجحة‭ ‬عن‭ ‬منع‭ ‬النزاعات‭. ‬ولو‭ ‬زعمت‭ ‬أنك‭ ‬أوقفت‭ ‬النزاع‭ ‬بدون‭ ‬مقياس‭ ‬لتعرف‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬درجة‭ ‬نجاحك‭ ‬فالطريق‭ ‬للأمام‭ ‬سيكون‭ ‬خطيرا‭. ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬فشل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بانتهاز‭ ‬ليس‭ ‬فرصة‭ ‬واحدة‭ ‬بل‭ ‬اثنتين‭ ‬لمنع‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.  ‬
وحسب‭ ‬الكاتب‭ ‬فان‭ ‬اللوم‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬الذي‭ ‬تبنى‭ ‬شعاره‭ ‬المعروف‭ ‬“القيادة‭ ‬من‭ ‬الخلف”،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬لاحقا‭ ‬“أسوأ‭ ‬خطأ”‭ ‬ارتكبه‭ ‬في‭ ‬رئاسته‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وكانت‭ ‬ألمانيا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭. ‬وتعهدت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬للمسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أن‭ ‬تكفر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬بالتغلب‭ ‬على‭ ‬زملائها‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والقيام‭ ‬بعملية‭ ‬تعزيز‭ ‬استقرار‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬النزاع‭ ‬ووافقت‭ ‬على‭ ‬تمويلها‭.‬
إلا‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬فشل‭ ‬بالتوصل‭ ‬إلى‭ ‬الإجماع‭ ‬المطلوب‭ ‬للقيام‭ ‬بالعملية‭. ‬وكان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬يضيع‭ ‬الوقت‭ ‬لكي‭ ‬يحتل‭ ‬مكانه‭ ‬الثاني،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تتخلى‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬موقعها‭ ‬القيادي‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬أضاع‭ ‬الغرب‭ ‬فرصة‭ ‬منع‭ ‬النزاع‭. ‬ولم‭ ‬تدخل‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وبالضرورة‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬على‭ ‬وتيرة‭ ‬منخفضة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭. ‬وظلت‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬حتى‭ ‬قامت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتعزيز‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬نجاحا‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬المعوقات‭ ‬والفضل‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬غسان‭ ‬سلامة‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬فائز‭ ‬السراج‭.‬
وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كانت‭ ‬ليبيا‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ثالوث‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭: ‬الوجود‭ ‬الجديد‭ ‬لتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬سرت،‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬أظهر‭ ‬حالة‭ ‬انقسام‭ ‬وبرلمانين‭: ‬واحد‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬وآخر‭ ‬في‭ ‬طبرق،‭ ‬ومحاولة‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الليبي‭ ‬بقيادة‭ ‬خليفة‭ ‬حفتر‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الشرق‭ ‬والذي‭ ‬يحاول‭ ‬حاليا‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬البلاد‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬حفتر‭ ‬يسيطر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬شرق‭ ‬ليبيا‭. ‬وقام‭ ‬السراج‭ ‬بمساعدة‭ ‬سلامة‭ ‬بمناشدة‭ ‬الناتو‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬محققا‭ ‬نجاحا‭. ‬ووافق‭ ‬الطرفان‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬مجلس‭ ‬حلف‭ ‬الشمال‭ ‬الأطلنطي‭ ‬واللجنة‭ ‬الأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬عمليات‭ ‬الاستقرار‭. ‬وهنا‭ ‬المشكلة،‭ ‬فلم‭ ‬يقم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬ولا‭ ‬اللجنة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الإعداد‭ ‬لها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭. ‬وكانت‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬إرسال‭ ‬عاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬تشهد‭ ‬حربا‭ ‬أهلية‭ ‬المشكلة‭ ‬الكبرى‭. ‬وشكل‭ ‬هذا‭ ‬خطرا‭ ‬مزدوجا‭ ‬للسراج‭ ‬وبلده‭.‬
ولم‭ ‬تكن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬بدأب‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬الكثير‭ ‬بنفسها،‭ ‬فقد‭ ‬تحملت‭ ‬نصيب‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬جمع‭ ‬قادة‭ ‬الميليشيات‭ ‬ودفعهم‭ ‬للتوافق‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭. ‬مع‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليتأتى‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬قابل‭ ‬للمهمة‭ ‬أو‭ ‬“الثلاثي‭ ‬العالمي”‭ ‬حيث‭ ‬يعمل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الناتو‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭  ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬تجمع‭ ‬دولي‭ ‬موحد‭ ‬توصل‭ ‬حفتر‭ ‬إلى‭ ‬حسبة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬عمله‭ ‬العسكري‭. ‬ولو‭ ‬قام‭ ‬الناتو‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الخطط‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لما‭ ‬حدثت‭ ‬الأزمة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬طرابلس‭.‬
وكان‭ ‬يجب‭ ‬الالتفات‭ ‬لما‭ ‬قاله‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬قمته‭ ‬مع‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أثناء‭ ‬قمة‭ ‬هلسنكي‭ ‬في‭ ‬فنلندا،‭ ‬وهو‭ ‬أنه‭ ‬يرغب‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬أمريكا‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الليبية‭. ‬ومن‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أضافت‭ ‬للفوضى‭ ‬الليبية‭ ‬هي‭ ‬تدخل‭ ‬روسيا‭ ‬ومصر‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والسعودية‭ ‬وفرنسا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حفتر‭. ‬‭ ‬ويرى‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬ليبيا‭ ‬تشبه‭ ‬اليمن‭ ‬وتدخل‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬السعودية‭ ‬وأبو‭ ‬ظبي،‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬ومحمد‭ ‬بن‭ ‬زايد،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الخطأ‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬بالمساهمة‭ ‬بعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بطريقة‭ ‬تشبه‭ ‬لعبة‭ ‬الأمم‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭. ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنشأت‭ ‬الإمارات‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬ليبيا‭ ‬واستقبلت‭ ‬مصر‭ ‬قاعدة‭ ‬روسية‭. ‬وتبدو‭ ‬الازدواجية‭ ‬الفرنسية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬حفتر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ودعم‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فاشلة‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬وتدخلا‭ ‬وأكبر‭ ‬تدخل‭ ‬غربي‭ ‬مخادع‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الحديثة‭.‬
ويجب‭ ‬لوم‭ ‬الناتو‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬تضييع‭ ‬الفرصة‭ ‬الثانية‭ ‬لمنع‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬روسيا،‭ ‬بالسر‭ ‬أولا‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬ومن‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬خاصة‭ ‬للانتشار‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬مصر‭. ‬وتقتضي‭ ‬الحكمة‭ ‬التقليدية‭ ‬بقدرة‭ ‬قوات‭ ‬حفتر‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬البلاد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭ ‬وحلفاءها‭ ‬حققوا‭ ‬النجاحات‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الميليشيات‭ ‬الموالية‭ ‬لحفتر‭ ‬على‭ ‬ولائها‭ ‬له،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتدخل‭ ‬تركيا‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭. ‬ونتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬شرعية‭ ‬لاتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وعملية‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬تساعد‭ ‬عليها‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬تستحق‭ ‬فرنسا‭ ‬الشجب‭ ‬لدورها‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لأنها‭ ‬تحدت‭ ‬الحلفاء‭ ‬الغربيين‭ ‬وقدمت‭ ‬الدعم‭ ‬لحفتر‭ ‬وقواته‭ ‬بالتدريب‭ ‬والسلاح‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فعلى‭ ‬فرنسا‭ ‬قيادة‭ ‬مهمة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬والتوصل‭ ‬لصفقة‭ ‬سياسية‭. ‬وعليها‭ ‬أولا‭ ‬دفع‭ ‬حفتر‭ ‬والميليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بخطة‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
وتتحمل‭ ‬إدارة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬المسؤولية‭ ‬لأنها‭ ‬تجاهلت‭ ‬ليبيا،‭ ‬وهو‭ ‬تعبير‭ ‬واضح‭ ‬عن‭ ‬عقيدة‭ ‬ترامب‭ ‬الانعزالية‭.‬
‭ ‬فقد‭ ‬تخلى‭ ‬مثلا‭ ‬عن‭ ‬الأكراد‭ ‬السوريين‭ ‬ولكنه‭ ‬أرسل‭ ‬آلافا‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭. ‬ويتحمل‭ ‬الناتو‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬مسؤولية‭ ‬لدرجة‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ولكن‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تظل‭ ‬قليلة‭. ‬وحقق‭ ‬سلامة‭ ‬تقدما‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬رغم‭ ‬المعوقات،‭ ‬ويقوم‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أنطونيو‭ ‬غويترش‭ ‬بدور‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬العملية،‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬تركيا‭ ‬بتدخلها‭ ‬الواسع‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬تعزيز‭ ‬جهود‭ ‬السلام‭ ‬الشاملة‭. ‬والوقت‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬للعمل‭ ‬كفريق‭ ‬واحد‭ ‬لمساعدة‭ ‬ليبيا،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواطنيها‭ ‬وكذا‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬المشتركة‭ ‬للعالم‭. ‬وفي‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وألمانيا‭ ‬وتركيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الفرنسية‭ ‬لدفع‭ ‬مفاوضات‭ ‬جنيف‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …