تقرير| هدى الغيطاني
موسم ينتظره الليبيون كل عام، إنه موسم القعمول، النبات الشوكي البري الزاحف الذي يبدأ في ظهور جذوره الغضة والتي تسمى في الثقافة الشعبية بالعرايس مع بداية موسم الأمطار.
والعرايس هي جذور الخرشوف وتؤكل ولها مذاق لذيذ جدا، بينما القعمول فهو ثمرة عشبة الخرشوف الزاحفة ذات الأوراق المدببة، واحيانا يكون لثمرة القعمول ساق طويلة يطلق عليها الخرشوف إذا كانت غضة وتكون ذات طعم لذيذ أيضًا.
وتبدأ ثمرة القعمول التي تعتمد في نموها على الأمطار، في الظهور مع نهاية شهر يناير ويستمر وجودها حتى شهر مارس، ولها قلب لذيذ المذاق رغم أنها مظهرها الخارجي شوكي، حيث يحيط بقلبها أوراق صغيرة شائكة، وتنبت هذه الثمرة في شرق ليبيا وسط السهول بمفردها دون زراعة، معتمدة على الأمطار، لذلك فإن وفرته تتناسب طرديا مع غزارة الأمطار.
هذا النبات يستخدم في العديد من الأشياء، إذ تستخدم جذور القعمول الهرمة في الطب الشعبي لعلاج التهابات المعدة حتى أن البعض أطلق عليه “العقار المجاني”، حيث يمنع القعمول تكون الحصوات في المرارة، يقوم بتنظيم مستويات السكر في الدم، لذلك ينصح به لمرضى السكري، يخفف من حدة أعراض مرض القولون العصبي، ويساعد على الهضم، واحتوائه على الحديد يساعد مرضى فقر الدم، ويعمل على حماية الجدار الذي يبطن منطقة الأمعاء، وهو من الأطعمة التي تساعد على الوقاية من الإصابة بأمراض السرطان، وتحديداً سرطان الثدي والبروستات والجلد، علاوة على أنه يساهم في علاج التسمم الناتج عن الفطريات، الوقاية من الإصابة بالأمراض الجلدية، وتحديداً الصدفية، ومعالجة التهابات البشرة وعلاج حب الشباب، ويعمل على التخفيض من ضغط الدم المرتفع..
وباعتبار أن القعمول هو سلالة من نبات الخرشوف، فهو يدخل في عدة أطعمة حيث يمكن شيّه لحرق شوكه ثم يؤكل، كما يمكن إضافته لبعض الأطباق الساخنة، كما أن البعض يعتبره نوعا من الفاكهة، علاوة على أنه يمكن أن يكون عصيرا.
إضافة إلى فوائد هذا النبات الجمّة، فقد أصبح مصدرا للرزق لدى الكثير من الشباب بسبب تردي أوضاعهم المعيشية التي دفعت الكثيرين منهم إلى استخدامه وسيلة للتجارة وكسب المال من خلال تجميعه وتكييسه وبيعه على جوانب الطرق الرئيسية، حتى أصبح سعر الحزمة الصغيرة منها في السوق الليبي مرتفعا لدرجة كبيرة خاصة في بداية الموسم.
ويتكاثر نبات القعمول بالجذور التي تبقى تحت التربة وعن طريق الثمرة التي تكون في أواخر موسمها ولا تقطف وتبقى حتى يتقدم بها العمر وتخرج منها شعيرات كالشيب تتطاير مع الرياح تعد بمثابة بذرة القعمول أيضًا.
وعلى الرغم من قيمة هذه النبتة وأوجه الاستفادة منها إلا أنها تشهد نقصا كبيرا خلال السنوات الكبيرة بسبب انحسار المساحات الخضراء وتحولها لأحياء سكنية.
ويلجأ المواطنون خاصة في النزهات للبحث عن هذه النبتة البرية لقطفها، مستخدمين أدوات تحمي أيديهم من أشواكها.
رغم ارتفاع أسعار القعمول إلا أن تناوله واستخدامه في الوجبات يعد من المأكولات الشهية التي ينتظرها الليبيون في كل موسم.