منصة الصباح

من قتل ريان؟

عبد الرزاق الداهش

هل يمكن أن يظل الطفل ريان عالقا في البئر لمدة خمسة أيام بلياليها ونهاراتها، لو كان في بلد اوروبي؟
(طبعا) لا يمكن حدوث واقعة كهذه في دولة غربية لغير سبب واحد، أو سببين.
وحتى لو افترضنا حدوث ذلك، فلابد ان نفترض وجود روبوتات ذكية ابتكرت لغرض الإنقاذ من حوادث السقوط تلك.
الناس في اوروبا لا يتزودون بالمياه من الآبار المنزلية، ولا يستخدمون الآبار السوداء كمستودعات مياه للصرف الصحي.
في عالمهم الغربي ربما تعلق قطة بين جدارين، وتتحول إلى قضية رأي عام، ويستقيل عميد البلدية، لتأخر الحماية المدنية نصف ساعة.
ثلاثة أيام ونحن نسمع بأن عناصر الانقاذ على بعد مترين من الطفل ريان، وثلاثة أيام واشارات لا تتوقف عن قرب اللحظة الأخيرة.
هل كانت عملية حفر النفق تتم بواسطة ملعقة وفرشاة أسنان، على طريق خبراء التنقيب عن الآثار، أو الفن التشكيلي.
برابقاندا إعلامية جيشت الحس الإنساني تسويقيًا، وسياسيًا، وحولت المأساة إلى مادة للاستهلاك الإعلامي، وصناعة الفرجة، لينتهي فائض الأمل، بفائض الإحباط.
وسجلت قضية ريان ضد مجهول، مثل كل الاطفال الذين تجرفهم مياه السيول، وتبتلعهم الأمواج، وتأكلهم ارصفة التشرد، على امتداد جمهوريات الخزن.
علينا أن نعترف بأن شعوب مكسور، وشعوب عاجزة، ومجرد حالة صوتية ليس إلا، ندعو الله كل جمعة بأن لا يسلط علينا من لا يخافه، ولا يرحمنا.
مازلنا أكثر براعة في الكذب على انفسنا، وأن الحكومة كسرت نصف جبل من اجل طفل، أو شقت نصف بحر من أجل معزة.
صرنا موظفين للحاكم الذي نتصور أن المطر تسقط من اجل عينيه، والشمس تطلع اكراما له، بدل أن يكون موظفا لنا، ثم نغرق في السيول، ونسقط بضربات الشمس.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …