منصة الصباح

بوادر حرب التحرير

بوادر حرب التحرير

مفتاح قناو

لم يفق العدو الصهيوني بعد من هول الصدمة، فبرغم آلته العسكرية الضخمة إلا أن حالة الارتباك التي عاشها منذ اليوم الأول لهذه الحرب مازالت مستمرة، وهو الارتباك الذي يصيب في العادة الجيوش التي تعيش فترة استرخاء طويلة، وقد عاش جيش دولة الاحتلال العنصري مثل هذه الحالة، بعد أن أعتقد أنه قد سيطر على كل القوى المحيطة به، هو حقيقة لا يخشي جيوش الدول المجاورة، ويعرف الظروف السياسية والاقتصادية لهذه الدول التي تمنعها من دخول حروب، كما يدرك مدى قوة حزب الله اللبناني، وقد وصل معه إلى حالة توازن القوى بحيث لا يعتدي أي منهما على الأخر، لكنه كان يجهل تماما ما يدور في عقول المقاومين الفلسطينيين في غزة.

كنا قد طرحنا في مقال الثلاثاء الماضي سؤالا عن مدى استطاعة المقاومة في غزة فرض واقع جديد في معادلة الشرق الأوسط التي كان يهيمن عليها العدو الصهيوني ؟

وأصبحنا اليوم نعتقد أنه يمكن للمقاومة الفلسطينية في غزة فرض واقع جديد على العدو الصهيوني، بعد مرور عشرة أيام على بداية الحرب لم يستطع جيش الاحتلال خلالها فعل شيء سوى تهديم المنازل وقتل الأبرياء العزل، وهو العمل الوحيد الذي يعرفه ولم يتوقف عن القيام به منذ قيامه بمذبحة دير ياسين في الستينيات.

دروس التاريخ تعطينا دائما إجابات من خلال الوقائع المتشابهة ففي حرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي كانت قوة أمريكا الجبارة تخيف المقاتلين الفيتناميين في البداية، لكن الاشتباك المباشر مع الجيش الأمريكي أزال الرهبة من قلوب الفيتناميين، وقدموا دروسا هامة في التضحية من اجل الوطن، حتى استطاعوا دخول العاصمة سايجون وتحريرها وهروب أخر الطائرات الأمريكية من مطارها.

وفي حرب أفغانستان استطاع المقاتلون الأفغان بقواتهم الضعيفة مقارعة إمبراطورية الاتحاد السوفيتي في ذلك الزمن وفرض إرادتهم عليه.

والسؤال الذي يمكن طرحه الآن، هل ما يجري الآن في غزة هي بوادر حرب تحرير ؟

نتمنى طبعا أن تكون هذه الحرب هي حرب تحرير الأرض المغتصبة، وحرب حصول الفلسطينيين على حقوقهم، ويعتقد فريق من المتابعين للأحداث بأنه ليس أمام الصهاينة في حالة عجزهم عن تحقيق انتصار حاسم إلا الرضا بتطبيق قرارات الأمم المتحدة التي كانوا يعطلونها فيما مضى، ويرفضون تنفيذها طوال السنوات الماضية، لأنها الطريق الوحيد لحفظ ماء الوجه لدولة العصابات وأسلوب التراجع الذي لا يظهر فيها العدو الصهيوني الغاصب بمظهر الخاسر المنكسر، بل سيظهر ويوصف ــ بعد وساطات دولية ــ بالكيان الملتزم بتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لأن ما حدث يوم السبت السابع من أكتوبر الجاري هز ثقة المستوطن في أسطورة التفوق العسكري الصهيوني على جيرانه العرب.

من سيرجع من المستوطنين ــ مطمئن هادئ البال ــ للسكن في المستوطنات القريبة من حدود غزة ؟ وجميعها تقع في مرمى نيران المقاومة الفلسطينية، فبعد القصف المتكرر لتل أبيب، ومطار بن جورين، لم تعد هناك مدينة واحدة أمنة، وهذا

يصنع واقعا جديدا لم يكن يعرفه المستوطن الصهيوني.

ننتظر ونترقب وندعو بالنصر للمقاومة الفلسطينية في غزة.

شاهد أيضاً

ماذا ينتظر ستيفاني خوري في مهمتها؟

أحلام محمد الكميشي ملتحقًا بزميليه “يان كوبيش” و”غسان سلامة” استقال المبعوث الأممي التاسع “عبد الله …