منصة الصباح

“معاوية”.. درامية تاريخية “مُعقّدة” تحكي عن واقعنا اليوم لا عن “الفِتنة الكبرى”!

حمزة جبودة

قبل أن نبدأ في الحديث عن المسلسل، يجب أن نفهم أن كل الأعمال الدرامية التي تناولت التاريخ الإسلامي، هي أعمال أُنتجت بتوجه سياسي وفكري وقبلها ديني، وكل عمل من هذه الأعمال، هي ليست حقيقة مطلقة، وما تم عرضه، من شخصيات وأحداث “جدلية” هي من وجهة نظر كاتب العمل، أو الجهة المنتجة له. بمعنى أدق، مسلسل “معاوية” هو عمل درامي يخدم رؤية الكاتب والجهة التي أشرفت وأخرجت واختارت ما يجب أن يُطرح وما لا يجب أن يُطرح.

لن ادخل في تفاصيل الحديث عن المسلسل، والشخصيات التي ظهرت فيه، ما يهمني، شيء آخر، أحسست معه بأنني أشاهد معاركنا اليوم في ليبيا وفي أي دولة عربية مسلمة.

التاريخ والحاضر: الله أكبر

في مشاهد الحروب التي عرضها المسلسل، انتبهت لِما يقوله المسلمين الذين يقتلون بعضهم البعض، وهم يُكبّرون “الله أكبر”. فجأة تذكرت ما كنا نشاهده وما تعايشناه، طيلة السنوات الماضية وإلى يومنا هذا. كيف أصبحنا نصِف من هُم في صفّنا إن قُتلوا بأنهم “شهداء” ومن هُم في الصفوف الأخرى بأنهم “قتلىَ”. كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم؟!

في كل عمل درامي تاريخي، نكتشف أن ما نشاهده يتكرر ويعاد بتواريخ ومواقع جديدة، في كل عمل درامي تاريخي، رؤية متجددة عن واقعنا اليوم. كل شيء يتغير إلا “تعصّبنا” للآخرين، وهذه هي أزمتنا منذ زمنٍ بعيد.

جدلية التاريخ الإسلامي:

لا أدّعي هنا أنني افهم التاريخ الإسلامي، أو أُحاول الغوص في أعماقه وفتح صفحاته “المُحرّمة”، كل الموضوع أنني أُسقطُ التاريخ على واقعي اليوم، وأُقارن بينهما. وهذا لا يصنع أي أزمة أو تحريف أو تكذيب. كُلُّ القصة أنني أشاهد عملاً تاريخيًا ذكّرني بما نعيشه اليوم. قد تكون المشاهد الدرامية مبالغ فيها أو تم تحريفها عن قصد، وهذا أمر وارد تحدثنا فيه، ومع هذا علينا أن نفهم ونعترف أن تاريخنا ليس ورديًا بل هو تاريخ طبيعي لأي أُمة تولد وتنهض وتبني وتصل إلى أبعد مكان يُمكن للمرء أن يتخيله، وفي رحلة أي أُمة تنهض وتكبُر، مصاعب كبيرة وحروب ومؤامرات وانتصارات وخسارات.

هذا هو المقصد، أن نرى ونبحث ونُدقق، ثم نعمل على أن نكون أفضل وتجاوز كل “المراحل الجدلية” في تاريخنا، أن نفتح آفاق أكبر للعلوم والبحوث والمعرفة في كل حقولها. أن نستوعب أن العالَم الذي نعيش فيه، ليس هو العالَم الذي عاش فيه الأوّلين.

النقد البنّاء المدفوع بالمعايير العلمية للأزمنة وجغرافيتها والأخذ بالأسباب، عن الأحداث والمواقف التاريخية الإسلامية، من وجهة نظر كل الأطراف المسؤولة عن الحدث، برؤية واقعية، هو الحل الأمثل لفهم القصة كاملة. وهُنا علينا أن نفهم شيئًا رئيسيًا وهو أن الأوّلين ليسوا ملائكة، وليسوا شياطين، هم بشر ليسوا خارقين، حاولوا باجتهادهم وبعِلمهم إنهاء الأزمات أو الدخول فيها من وجهة نظرهم “الصحيحة”، وهذه وجهة النظر تُقابلها أخرى ترى فيها على خطأ وهكذا. هذه سيرة التاريخ بشكلٍ عام.

شاهد أيضاً

علاج جديد للسرطان يُحفز الجهاز المناعي عبر خداع الأورام

الصباح/ وكالات في إنجاز طبي واعد، نجح باحثون صينيون في تطوير علاج مبتكر للسرطان يعتمد …