فتحية الجديدي
مدينة تغنت بأهلها عبر شوارع وأزقة وتفاصل تنضح بخصوصيتها وعبق تاريخها، وارتدت حلة من البهجة في حالة من استنطاق للمكان.
مدينة احتفت بأهلها وروادها مع أغانٍ وترنيمات المساء في إيقاع سخي يحمل بين طياته اسمها المدروج في سجلات التاريخ وصورًا تلونت بهوية شخوصها في تنوع بديع يعكس فسيفساء سكانها.
تفرد يديها لتمنح الفرح وترسم بسمة المنتمين إليها وتوشوش في آذانهم قصصها عبر مرّ الزمن ، لم تكن مدينة فقط بل وطنا يجمع الناس تحت أرشيف من الحكايات ، وأم تهدهد على أكتاف أبنائها كي ينامون بسلام بعد منحهم فسحة من المسرات.
والأطفال يغنون ويرقصون، والشباب يتسامر، بينما لا يغيب الرجال بأسرهم ليكونوا جزءاً من تلك اللوحة التي تشكلت ونفخت فيها الروح.
هي أكثر من مجرد شوارع وساحة ومقاهٍ صغيرة تصطف بها كراسي لاحتساء قهوة، أو ممرات ومصطبات للذكريات ، بل هي معزوفة فرح نسجت خيوطها من ضوء انبعث في سمائها لتكون حاضرة في ذاكرة الأجيال قادمة
طرابلس الحاضنة ومدينتها القديمة بوابة للجمال في ليالي ارتسمت على جدرانها وبيوتها العتيقة التي تحولت إلى أمكنة وفضاءات جامعة للكلمة والصوت والصورة.
ليالي المدينة جاءت لتكون براحات لصحبة ورفقة وامتداد ، هناك حيث قوس ماركس أوروليوس وبيت محمود بي الثقافي وبيت إسكندر للثقافة والفنون وبيت النويجي ودار الفقيه حسن ودارعبدالله كريستا وممشى وساحات أخرى وأسماء لأبنية خلدتها شخصيات كانت لها بصمتها، تحولت إلى نقاط ومراكز جذب للآخر في مهرجان واحد للجميع وصناعة لإعادة تدوير القيمة والوقوف عند الأساطير والمعارف وكل الظواهر الثقافية والاجتماعية.
ليالي المدينة هي ميثولوجيا الواقع حين تنفست أركانها ولفها صوت الناس وضحكاتهم وتحولت إلى أفروديت وأيروس.