بقلم /عبد الباري رشيد
الاتحاد الافريقي ، ومن خلال مؤسساته المتمثلة في القمة العادية والاستثنائية ، فضلاً عن مجلس السلم والامن والمفوضية العليا واللجنة رفيعة المستوى التي شكلها لمتابعة الازمة الليبية منذ تسعة أعوام ، لم يكن بعيداً عن الواقع الليبي المعاش بل كان يتابعه ومنذ البداية ، ولعل الظرف الجديد الذي طرأ على الساحة الليبية وتمثل اوائل إبريل من العام الماضي في العدوان على العاصمة طرابلس وضواحيها ومارافقه من تداعيات وتأثيرات موصوده من طرف المنظمات الانسانية التابعة للأمم المتحدة والتي تصدر تقاريرها عادة حول الحالة المأساوية التي خلفها وتمثلت في النزوح الجماعي لأكثر من 130 الف مواطن ، وسقوط عشرة الآف ضحية ما بين شهيد ومصاب فضلاً عن الخسائر المادية التي لحقت بمنازل المواطنيين التي تحولت إلي ركام ، والدمار الذي أصاب كذلك المطار الوحيد للعاصمة وغيره من المرافق الحيوية ذلك الظرف كان حاضراً ايضاًخلال القمة الاستثنائية للإتحاد الفريقي التي الثئمت في عاصمة النيجر « نيامى » صيف العام الماضي وجاءت بعد العدوان على العاصمة ومن خلاله وقف قاده وزعماء القادة السمراء على حقيقة ما يجرى حين إستمعوا إلي الحديث الشامل لرئيس المجلس الرئاسي أمام القمة الذي تحدث حول اغراض ومرامى العدوان وقال صراحة إن الاعتداء على عاصمة كل الليبيين هم محاولة « إنقلاب» تستهدف اعادة البلاد الى الحكم العسكري الشمولي حكم الفرد والعائلة » وهو ما يخالف تماما رغبات وطموحات الشعب الليبي في تأسيس دولة مدنية تكفل الحريات العامة وتحقق العدالة الاجتماعية وإختيار الشعب لمن يتولى مسئولية الحكم عبر صناديق الاقتراع ويضيف إلى ذلك قوله ان ليبيا تعتز بما حدث في العديد من البلدان الافريقية من مسارات ديمقراطية أنهت وبشكل شبه كامل مرحلة الصراعات على السلطة والانقسامات وغيرها من المشكلات التي عصفت ببعض دولها … بحيث أصبحت أفريقيا قادرة على تجاوز أية آزمات والنجاح بالتوصل الي حلول جذرية لأية مشكلات ولعب دورر محورى وأساس في إيجاد حلول للأزمة الليبية وكما ذكرنا فإن أفريقيا «فتحت» عيونها على حقيقة ما يجرى في ليبيا وأدركت بأن واجبها تجاه البلد المؤسس للإتحاد يجب أن يوازي جهود الآخرين من اتحادات قارية كالاتحاد الأوربي بل وتيعداه عبر إتخاذ خطوات واليات عملية تساعد في وقف نزيف الدماء والدمار وقد رصد المراقبون في الأونة الأخيرة مثلاً الجهود الدبلوماسية المكثفة للاتحاد والتي سبقت انعقاد قمة برلين فالحضور الأفريقي « تجاوز » مخرجات برلين وثمتل في الثئام قمة البلدان الأعضاء باللجنة الافريقية رفيعة المستوى في دورتها الثامنة وهي لجنة خاصة بليبيا تترأسها «الكونغو» وفي هذه القمة التي التئمت يوم 30 يناير الماضي بحضور زعماء وممثلي كافة البلدان الاعضاء بها فضلا عن مندوبيين عن الاتحادات والقارية كالاتحاد الاوربي والامم المتحدة ووزير خارجية المانيا بإعتبار أن بلاده راعية لقمة برلين ويهمها متابعة المناقشات للملف الليبي لإثراء مخرجاتها ، وقد لاحظ المراقبون كيف أن قمة « برازافيل » تجازوت مرحلة البيانات الفارغة والدعوات التي كانت تطلق بين الحين والآخر ، من جانب بعض الدول – لوقف العدوان والعودة إلى الحلول السياسية وهي الدعوات التي لم تغادر التصريحات والبيانات التي كانت تصدر بها – بل ظلت مجرد ( دعوات ) لم توقف حنفيات الدماء التي ظلت تنزف طوال عشرة شهور منذ بداية عدوان 4 ابريل الماضي وحتى هذه اللحظات .
ومجلس الأمن الدولي ذاته ظل يُطلق دعوات طوال تلك الفترة من العدوان المأساوي 8 بدون جدوى-، وظل « عاجزاً » عن اتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان وإجبار المعتدى على سحب قواته – والعودة بها إلى حيث أتت ، وكما أشرنا فقمة «الكونغو» الثامنة – وبحسب ما رصده المراقبون من مخرجاتها – تجاوزت مرحلة البيانات - إلى العمل الجاد عبر آليات محدودة – وهو ما ذكره مثلا رئيس المفوضية العليا للاتحاد الأفريقي الذي كشف عن إتفاق على طرق تحضير الاتحاد لعقد مؤتمر المصالحة بين الليبيين بالتشاور مع الاطراف الليبية والبلدان المجاورة والأمم المتحدة .
- كما أن اللجنة الرئاسية رفيعة المستوى برئاسة الكونغو وافقت كذلك على تشكيل لجنة تحضيرية لمنتدى الاتحاد الأفريقي – الليبي والتي ستكون مفتوحة لجميع أطراف النزاع الليبي بما في ذلك زعماء القبائل والشباب والمرأة وغيرها من الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية ، ووضعت اللجنة رفيعة المستوى «خريطة » طريق لعقد منتدى للمصالحة عرضت استضافته وتنظيمه الجزائر ، وإرفاق وقف إطلاق النار «بآليات » مراقبةيتم اشراك الاتحاد الأفريقي فيها ، وطالبت اللجنة من الدول الأعضاء بالاتحاد نشر مراقبين عسكريين للمشاركة في « آليات » مراقبة وقف اطلاق ، ووجهت دعوتها لكافة الأطراف الخارجية إلى الوقف الفوري لتدخلاتها «السلبية » في الشئون الداخلية الليبية .
- وبطبيعة الحال فإن الثئام اللجنة رفيعة المستوى ، وما خرج عنها من مقررات يأتي في إطار توحيد الموقف الأفريقي على المستوى القارى تجاه الأزمة الليبية . خاصة وأن أفريقيا على اعتاب القمة العادية في «أديس بابا» خلال الايام القليلة القادمة وتحديدا يومي 8و 9فبراير الجاري . وهي القمة التي ستكون أمامها .
مخرجات مجموعة البلدان الأحد عشر الأعضاء في اللجنة رفيعة المستوى – وغيرها من المستجدات في الملف الليبي الذي سيحظى » بأولوية « في الحوار والنقاش حوله مثلما أشارت إلى ذلك تصريحات العديد من زعماء القارة ،
كما سيلتئم على هامشها مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي أعلن مفوضية اسماعيل شرف «أوائل يناير الماضي بأن الاتحاد الأفريقي وبعد نجاح وساطته الأخيرة في جمهورية إفريقيا الوسطى .
- والتي وضعت حدا للصراع على السلطة في ذلك البلد -يريد « استرجاع» الملف الليبي ليبقى «مُلتزما » بدعم تسوية سلمية شاملة في ذلك البلد – وهو الأمر الذي يفسره المراقبون بأنه نزول قوي للاتحاد الإفريقي من أجل إنهاء العدوان على العاصمة طرابلس وضواحيها – ووضع الدولة الليبية في المسار الصحيح الذي يدفع بالاتجاه إلى صناديق الاقتراع ، والانتخابات الحرة النزيهة التي يختار من خلالها الشعب «حُكامة « – ويصوغ حياته السياسية والاقتصادية الاجتماعية عبر مؤسسات تشريعية وتنفيذية .