منصة الصباح

أحلام‭ ‬مؤجلة‭!‬

تواصل

بقلم /محمد‭ ‬الفيتوري

أن‭ ‬تري‭ ‬وطنك‭ ‬ينعم‭ ‬بالأمن‭ ‬والأمان‭ ‬فذاك‭ ‬حلم‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬التكالب‭ ‬الخارجي‭ ‬الذي‭ ‬عمّق‭ ‬هوة‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد‭ ‬وأوجد‭ ‬الارضية‭ ‬المناسبة‭ ‬لكي‭ ‬يمارس‭ ‬سياسة‭ ‬فرق‭ ‬تسد‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬بين‭ ‬الفرقاء‭ ‬ويطيل‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬يدفع‭ ‬فواتيرها‭ ‬الباهضة‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الابرياء‭ ‬الذين‭ ‬يحلمون‭ ‬بعيش‭ ‬كريم‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬السلام‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬واصبحت‭ ‬أحلامهم‭ ‬مؤجلة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬فالوطن‭ ‬يعاني‭ ‬وطالت‭ ‬معاناته‭ ‬وتعمقت‭ ‬وتجددت‭ ‬انقسام‭ ‬مؤسساته‭ ‬وأضحى‭ ‬ضعيفاً‭ ‬ولا‭ ‬يقوي‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬إحاطة‭ ‬السوار‭ ‬بالمعصم‭ ‬فهو‭ ‬محاط‭ ‬بالأطماع‭ ‬الاستعمارية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ ‬ولا‭ ‬يرون‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬كعكة‭ ‬ينبغي‭ ‬التهامها‭ ‬متى‭ ‬حانت‭ ‬الفرصة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعيرون‭ ‬اهتمام‭ ‬بمعاناته‭ ‬وآهات‭ ‬ابنائه‭ ‬التي‭ ‬تزداد‭ ‬كلما‭ ‬زادت‭ ‬تلك‭ ‬الاطماع‭ ‬توحشاً‭..‬
هذه‭ ‬العقلية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬ينبغي‭ ‬التصدى‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نبكي‭ ‬في‭ ‬يوماً‭ ‬من‭ ‬الايام‭ ‬على‭ ‬اللبن‭ ‬المسكوب‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬المحافظة‭ ‬عليه‭ ‬وكانت‭ ‬لدينا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬لذلك‭.‬
أن‭ ‬ارتقاء‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬بالاخطار‭ ‬المحدقة‭ ‬بوطننا‭ ‬يقربنا‭ ‬أكثر‭ ‬نحو‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬والناجعة‭ ‬لازمتنا‭ ‬والتعامل‭ ‬الواقعي‭ ‬مع‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭ ‬يبعدنا‭ ‬عن‭ ‬الأفواه‭ ‬الجائعة‭ ‬المترصدة‭ ‬بثروات‭ ‬بلادنا‭ ‬التي‭ ‬يسيل‭ ‬لها‭ ‬لعاب‭ ‬الطامعين‭..‬
لقد‭ ‬باتت‭ ‬أحلامنا‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬المؤلم‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬لتحقيقها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النهوض‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬ركام‭ ‬الماضي‭ ‬وفهم‭ ‬الحقيقة‭ ‬فهماً‭ ‬صحيحاً‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬فلسنا‭ ‬الوحيدين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المترامي‭ ‬الاطراف‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬وبلدان‭ ‬كثيرة‭ ‬مرت‭ ‬بتجارب‭ ‬مريرة‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬الخروج‭ ‬بأقل‭ ‬الأضرار‭ ‬منها‭ ‬وإعادة‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬مجاريها‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬الأوقات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬عرضة‭ ‬للتلاشي‭ ‬والاندثار‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬برمته‭ ‬ودون‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬المعلبة‭ ‬التى‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬ومشكوك‭ ‬في‭ ‬صدقيتها‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬والأصلح‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يولد‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬من‭ ‬احضان‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬يتسع‭ ‬للجميع‭ ‬ولا‭ ‬يقصى‭ ‬أحد‭ ‬مهما‭ ‬اشتدت‭ ‬الخلافات‭ ‬وتأزمت‭ ‬الأوضاع‭ ‬ويظل‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬قالوا‭ ‬عنه‭ ‬‮«‬وطني‭ ‬وأن‭ ‬جار‭ ‬علي‭ ‬عزيزاً‭ ‬وأهلي‭ ‬وأن‭ ‬ضنوا‭ ‬علّى‭ ‬كرام‮»‬‭ ‬والآن‭ ‬و‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬وبعد‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الأحلام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تراود‭ ‬مخيلتنا‭ ‬واضحت‭ ‬احلام‭ ‬مؤجلة‭ ‬التنفيذ‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬يطول‭ ‬شرحها‭ ‬أصبحنا‭ ‬نمنى‭ ‬النفس‭ ‬بالأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والأستقرار‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬لكي‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬وطننا‭ ‬على‭ ‬الخارطة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وعلى‭ ‬وجودنا‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬مهدد‭ ‬لم‭ ‬نطلب‭ ‬المستحيل‭ ‬ولعلها‭ ‬طلبات‭ ‬مشروعة‭ ‬وانسانية‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يطالب‭ ‬بها‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬والأمان‮»‬‭ ‬وليقف‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وأكثر‭ ‬صلابة‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تتحول‭ ‬الاحلام‭ ‬المؤجلة‭ ‬إلى‭ ‬احلام‭ ‬تلامس‭ ‬الواقع‭ ‬وتحاكيه‭ ‬لأنها‭ ‬تجئ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬ولا‭ ‬تغرد‭ ‬خارج‭ ‬السرب‭.‬

 

شاهد أيضاً

من تلاميذ يركبون “الكانتر” الى الوزير في مكتبه المكيف .. اما بعد

علي الهلالي لا أحد من جيلنا أو من الاجيال التي أعقبتنا يمكنه ان ينسى “الفيشطة” …