جمعة بوكليب
زايد …ناقص
خلالَ الأيامِ الماضية، نتيجة مُنغّصات كثيرة، على مستويات عِدّة، أصابتني بإحباطٍ، بعثتُ برسائلَ نَصّية غاضبة إلى عديدٍ من أصدقائي الشعراء (العواجيز) طالبًا منهم، أو بالأحرى راجيًا، الكفّ عن ملاحقة نساءٍ فاتناتٍ في قصائدهم.
وصلني ردٌّ مقتضبٌ من أحدهم، ذكّرني بضرورة الإهتمام بشؤوني، وترك الشعراءِ لحالهم. ردّهُ آلمني وأحزنني، وفي ذات الوقت نبّهني إلى ضرورة الإلتزام بالمثل :” كل شاة معلقة من كراعها.” فما لي وأصدقائي من الشعراء وما يفعلون في شيخوختهم؟ فهم وإن كانوا أصدقائي، وتجمعني بهم روابط وذكريات ما تزال تغمرني بسعادة وبهجة، لكنّهم أحرارٌ فيما يكتبون وينشرون.
في تفسيري لما فعلتُه، يبدو أنني كنت أتمنّى لوكنتُ مثلهم: أكتبُ قصائد حبٍّ، أتغزّلُ فيها بنساء باذخاتِ الأنوثة، ينسجنَ في طراوة قلوبهن أحلامًا بألوان عديدة، ويضحكنَ بغنجٍ تدوخ الفراشات من عذوبته. لكن ضُمورَ أو قُصُورَ أو نُضوبَ مُخيّلتي الشعرية حالَ دون ذلك.
حاولتُ كثيرًا وأخفقتُ اخفاقًا ذريعًا مُحبطًا. ومن شدّة غيظي، فعلتُ ما فعله ذلك الثعلب الذي بعد فشله في الوصول إلى عنقودِ عنبٍ مُعلّقٍ في دالية، أقنعَ نفسه بحموضة مذاقه.
يالبخت أصدقائي الشعراء العواجيز. ما زلتُ حريصاً على قراءة ما ينشرون من قصائد حُبّ فتداهمني غِيرةٌ. أقولُ في نفسي من أي بئر ياتُرى يستقون؟ تعويضًا لإحباطي، شغلتُ نفسي، حَدّ الإرهاق، في كتابةِ ونشر مقالاتٍ سياسية مُملة، تلاحقُ ما يفعله سَاسةٌ مُملون كاذبون، على أملِ العثور على فجوةٍ تركوها وراءهم، فأسرع بتبيانها وكشفهم.
الشعراءُ لا يكتهلون. لذلك لا يكفّون عن التغزّل بالحياة، مُهتدين بالجمال وبالخير وبالعدل وبالحبّ. وليس من حقّي، أو حقّ أي شخص آخر، أن يعترض طريقهم. المثلُ الشعبي يقول :” ماري ولا تكون حسود.” وأعترف أننّي حاولتُ وفشلتُ في مماراتهم.
كرهتُ السياسةَ وأهلَها أكثر من ذي قبل. وتمنّيت، في لحظة صفاء وهدوء نادرين، لو أننّي، لمرّة واحدة وأخيرة، أكتبُ قصيدةَ حُبّ.