منصة الصباح

في ماجور بليغ حمدي ( 2-2 )

نوتـــة

بقلم / د. نورالدين محمود سعيد

أستاذ الفنون المرئية في الجامعات الليبية

 

الموسيقى ليست لعبة أبداً، إنها تفترض أصول أنثروبولوجية للبقاء أيضاً، لتميز انتماءاتها، شرط أن لا تتفسخ، وتمتلئ بما هو سخيف.

مع بعض الفنانين الآخرين، يحاول بليغ بعد مرور زمن على السيدة أم كلثوم، أن يخفف من ثوب اللحن، حتى يخدعنا أننا أمام منظومة خفيفة من الأنغام ستندثر بعد فترة من عمرها، ثم لا نلبث أن نتأكد من خدعته بأنه التف باللحن ليكون عربي الثوب بشكل معاصر يعيش لأزمنة بعيدة رغم خفته، ماذا يريد هذا العبقري؟؟.

لاحظوا مثلاً في: «اللي شبكنا ايخلصنا» ثم التكوين الجمالي في نغمة: «يا رميني بسحر عينيك الاثنين، … واخدني ورايح فين؟»  أو إذا ما أمعنا النظر في (حاول تفتكرني).

تثني نغمي من نوع خالص النقاء اللحني البليغي العربي،  وكذا على حسب وداد، الخ، أمثلة جيدة لما أعنيه هنا من ثنيات الخفة اللحنية، وكذا أغاني السيدة ميادة التي أشرت إليها في بداية حديثي، لكنه مع السيدة وردة، منحها تخصصه النغمي بكل ما يمتلك من مهارة في أغلب أغانيها إن لم تكن كلها، وبنفس نمط الخفة النغمية الثقيلة المغزى؛ ليأتي السؤال: ما هذه الروعة لشكل الموسيقى العربية في هذه السنوات، أيها السادة أنا أتحدث عن حقبة نهضة عظيمة بعيدة عن الغبش والتخلف، لهذا هنا تهمني الحقبة بقدر أهمية الفاعلين فيها، لا بقدر أهمية النائمين، والمتخلفين، وفوق كل ذلك المتخاذلين الذين لا قضية لهم.

بقيَّ أن أشير إلى أن الموسيقار بليغ حمدي عاشق سابح في أصالة ابداعه في أصالة الموسيقى العربية، بليغ رسام بديع بألوان لا يعيها إلا هو، لأنه وقف على ملكاته الإبداعية الطليعية إن صح التعبير، لموسيقى عربية حديثة وموشحة بألوان تبقيها على عهدها بأصالتها لعهود قادمة طويلة الأمد، سنلاحظ ذلك في كل تنوعه، من العاطفي إلى الإجتماعي، وصولاً لألحانه المتصوفة وكذا الدينية العميقة، خصوصاً ما تجلى من أنغامه عند الشيخ النقشبندي: (مولاي إني ببابك، … حين يتمظهر في (ومن سوااااااااااك يرى قلبي ويسمعه، كل الخلائق ظل في يد الصمد)..

شاهد أيضاً

في موسم الجمعية الليبية للآداب والفنون محاضرة بعنوان 26 أبريل ذكرى الوحدة الليبية

  الصباح ضمن موسمها الثقافي لعام 2024 ، نظّمت الجمعية الليبية للآداب والفنون، مساء أمس …