منصة الصباح

غسانُ وأمُّهُ

غسانُ وأمُّهُ

زايد..ناقص

جمعة بوكليب

في شهر مارس الماضي، شهدت القبة الفلكية في طرابلس أمسية أدبية متميزة، للاحتفاء بصدور المجموعة القصصية:” سيرة عاليه” للكاتبة محبوبة خليفة. الأمسية نظمتها الجمعية الليبية للآداب والفنون. بالتعاون مع دار الفرجاني للنشر. وخلالها قدمت ثلاث قراءات في نصوص المجموعة، لكل من الكاتب الصحفي والقاص ابراهيم حميدان، والشاعرة المبدعة حنان محفوظ، والناقد المجتهد يونس الفنادي.
الشكر واجب لأعضاء الجمعية على جهودهم المتواصلة في تقديم الندوات والمحاضرات الثقافية والأدبية، وحرصهم على رصد ومتابعة ما يصدر من كتب وابداعات من دون كلل أو تعب، وبمجهودات شخصية. الشكر أيضاً موصول للناشر غسان الفرجاني على جهوده النيّرة ومثابرته في نشر ابداعات الكتاب الليبيين، وبشكل لافت للانظار، خاصة خلال السنتين الأخيرتين. ولا ننسى كذلك تقديم وافر الشكر والامتنان للتقدم الانساني العلمي الهائل، إذ لولا توفر الشبكة العنكبوتية(الانترنت) ما كان لمثلي، وهم كثيرون، متابعة ما يحدث على الساحة الثقافية والأدبية في ليبيا من نشاطات، من موقع جغرافي يبعد آلاف الأميال.
ما لفت انتباهي في الحدث المذكور أعلاه، وجعلني اتسمر في مكاني متابعاً باهتمام، كان شيئاً آخر، مخالفاً لما تعودناه، في تلك الندوات والأمسيات، وممثلا في الشخص الذي أدار الجلسة، وهو الصديق غسان عتيّقه. وجود غسان في ذلك المكان تحديداً، كان مفاجأة لي أدهشتني. مبعث المفاجأة والدهشة معاً أن صديقي غسان هو نجل السيدة الكاتبة محبوبة خليفة. إذ للمرّة الأولى، في كل سنوات حياتي، ذات الصلة بعملي وعلاقاتي بالساحة الثقافية الليبية بل والعربية، أشاهد وأتابع ابناً يحتفي بأمه الكاتبة، ويفخر بوجوده معها في ندوة أدبية أقيمت للاحتفاء بكتاب أصدرته، بل ويحرص هو شخصياً على ادارة الجلسة.
وكان بامكاني الحدس بما كان يعتمل، آنذاك، من مشاعر فرح وفخر في قلب الكاتبة – الأم في تلك اللحظات، وهي ترى إلى جانبها يجلس ابنها مديراً للجلسة. وتلك لعمري سابقة غير معهودة، تسجل لأول مرة.
أتذكر أنني حضرت أول أمسية شعرية للصديق الشاعر المرحوم محمد الفقيه صالح بنادي المدينة بطرابلس، في النصف الثاني من السبعينيات من القرن الماضي. ولدهشتي كان المرحوم أبوه ضمن جمهور الحاضرين. رأيته صدفة وهو جالس في الصفوف الأخيرة، يدخن ويتابع ابنه باهتمام. وحين أقامت الجمعية ذاتها أول أمسية لي في طرابلس مؤخراً، حرص بعض أفراد اسرتي على الحضور، مما اشعرني بالامتنان نحوهم. لكن الأمر في الحالتين السابقتين لا يعد سابقة، وإن كان لافتاً للاهتمام.
الجدير بالذكر هو أنني شعرت، في أمسية السيدة محبوبة خليفة، بأن ما كان يحدث في ذلك المكان أمراً غير عادي وغير معهود، وباعثاً على البهجة. ومع ذلك شعرت أنه أعتبر من قبل الحاضرين والمتابعين أمراً طبيعياً، وغير مثير للانتباه وللاهتمام. والدليل على ذلك أن لا أحد منهم، وأغلبهم من الكتاب والصحفيين، تعرض له بالتنويه وبالاشادة في مقالة!
هذه المقالة، ربما جاءت متأخرة قليلاً، إلا أنها مكرسة بالكامل للاشادة بذلك الحدث الفريد، والتنويه بتلك السابقة الطيبة البهيجة، وللتعبير عن الامتنان وتقديم الشكر لغسان ولأمه معاً.

شاهد أيضاً

الـولاء للـــوطن

مفتاح قناو لا يمكن للمواطن الليبي العاشق لتراب هذا الوطن أن يكون شيئا أخرا غير …