غزالة ترغلات 1
2020-01-02
الرئيسية, رأي
323 زيارة
نقوش
بقلم /منصور ابوشناف
سالمه او غزالته وسنيورته الان بدت له ومنذ دخولها لبيت السنيورة «غزالة وحسناء» جديدة تمثالا طرابلسيا جديدا كانت وهي ترتدي ملابس السنيورة وتتعثر في كعبها العالي تعاني حقا الآم التحول التي عاناها ليلة مسخه كان أيضا «بروب سنيور» ميت وكانت بملابس وحذاء سنيورة مطرودة من بيتها الليبي كانت قد جذبته برائحة الوديان التي غادرها وكانما كانت تناديه للعودة إلى تلك الوديان كانت تفكه من اسر «السنيورة» التي حولته الى رجل كامل يسعى على قدمين وكان يراها تتحول الى سنيورة كما رأها وهو يتأمل «التمثال» غزالة مسخت مثله . كان وعبر سالمة وتحولاتها يرى ويشم كل تفاصيل الغزالة والحسناء ويشم روائح الوديان والبحر الطرابلسي .
في تلك الاثناء كان العقيد القذافي يخطب في زواره ويعلن الثورة الثقافية والنقاط الخمس كان يعلن بداية التحول الشامل بداية الثورة الثقافية ويعطل كل قوانين العهد البائد « الملكي « ويمنع كل الكتب الصفراء ويأمر باعتقال كل المرضى «المثقفين» كما يعرفهم العالم فالقوانين كانت سدا ضد سيول الثورة والمثقفون والحزبيون ليسوا الا مرضى بالجرب الفكري مما يتطلب عزلهم عن المجتمع كي لايستمر المسخ والتشوه الحضاري .. كانت الميادين قد بدأت تغص من جديد مناصرة للاخ العقيد في معركته ضد الارث الإيطالي والإنجليزي والملكي من اجل التحرر من كل قيود الماضي البغيض «كما ظل يهتف راديو وتلفزيون الثورة الفتية» كان بطلنا في تلك الاثناء يجلس على اريكة « السنيورة» حيث قرأت له فصلا عن الجحيم وحيث حذرته من الانمساخ والتحول وعذاباتهما وكانت سالمة ودون ان تلتفت إليه تخلع مسرعة ملابس السنيورة وتلقي بها متناثرة عبر الصالة الواسعة لتقف عارية تماما تلف حول نفسها كغزالة تفك عنها قيودا قاسية كانت تكبلها أو ربما كحورية بحر تتخبط على رمال طرابلس لتهاجمها كلاب طرابلس الجائعة .
اخرجت رداءها الليبي وارتدته مسرعة ثم اندفعت خارجة إلى الميدان وهي تولول مزغردة وغابت عن بصره لوقت قصير ثم رأها وهي تملأ شاشة التلفزيون , كانت غزالة طرابلس في تلك اللحظات بالنسبة له وبحث عن رائحة الوديان رائحتها , في ارجاء البيت دون ان يجدها فاحس بانها تبتعد كثيرا رغم أنه يراها قريبة تملأ شاشة التلفزيون .
خرج باحثا عنها وسط جموع الميدان ولم يجدها فمضى الى التمثال حيث لاتزال الغزالة والحسناء متسمرتين وحيث لاتزال الحسناء تتكيء على كتف غزالتها رغم الزحام والضجيج واحس لأول مرة بهشاشة الحسناء وضعفها فهي تمسك بعنق الغزالة مرهقة وكأنما تستجديها التفاتة نحوها منذ نصف قرن في تلك اللحظة بالتحديد .
فصل من رواية «الكلب الذهبي»