منصة الصباح

على بابا الليبي !

د ابوالقاسم عمر صميدة .

مسكين “على بابا “الحقيقى امام عليوات بابا الجدد، فعلى بابا الأسطورى مجرد شخصية خيالية صنعتها الحكايات والقصص التي تحولت الى مصدر الهام للكتاب والفنانين في أنحاء العالم فتفننت المخاييل فى الزيادة والتشذيب فتحولت الى رمز ودلالة للسرقة، وتدور حكاية “على بابا” حول رجل فقير يمتهن التحطيب اسمه “علي بابا ” فبينما كان يبحث عن الحطب فى مكان مهجور فسمع بالصدفة كلمة السر التي تفتح باب مغارة اللصوص التي يضعون فيها كنوزهم ، فراح يراقب المغارة ، وبعد خروج اللصوص ردد كلمة السر وهى ” افتح يا سمسم ” فتمكن من الحصول على الأموال والجواهر المخبأة في المغارة ، وبات أسمه علامة على اللصوصية في إنحاء العالم ، وقد شاهدنا يوم سقوط العاصمة العراقية بغداد كيف نُهبت المقرات الحكومية والمتاحف والمحلات ، وكان جنود الاحتلال الامريكى يصفوف الناس الذين يحملون المسروقات باسم ” على بابا ” مع ان الامريكان هم على بابا الكبير ، ويرى بعض الباحثين ان قصة على بابا هى جزء من النص الأصلى لحكايات ” الف ليلة وليلة ” ولكن تم إقتطاعها عمداً ، والحق يُقال فعلى بابا الأصلى رجل مسكين ، فهو ليس وزيراً له خدم وحشم وحاملى شنط، وفارهات ومصفحات لتنقلاته ، وليس نائبا يتقاضى مرتباً يفوق اجور المواطنين بعشرات المرات ، وهو لم يشترى الكمامات بسنتات ويبيعها لليبيين بدينار ، ولم يقطع أسلاك الكهرباء لمنع النور عن البيوت والمستشفيات مقابل ان يكسب مال حرام جراء بيع الأسلاك ، وعلى بابا لم يُهرّب الوقود فيشتريه بقروش ويبيعه بدنانير ، وعلى بابا لم يُهرّب البشر  والمواد الغذائية ، ولم يتاجر فى أرواح الناس ، وعلى بابا لم يشترى لقاح كرونا من ” شركة شيميرا ” ب15 دولار مع ان سعره الاصلى 10 دولارات لينهب اموال ليبيا ، وعلى بابا لم يحصل على اعتمادات بنكية ليجلب حاويات مليئة بالطوب ، وعلى بابا لم يصرف مليار  دينار لمواجهة الوباء بينما المستشفيات خالية من لوازم مواجهة الوباء ، وعلى بابا لم يجلب لشعب بلده لحم ومواد استهلاكية منتهية الصلاحية ، وعلى بابا لم يكن قنصلاً ويعطى الاموال بدون وجه حق لأصهاره وأقاربه ، وعلى بابا لم يبيع محركات الطائرات بحجة انها خردة وهى تساوى الملايين ، وعلى بابا لم يفتح دكان سياسى ويقبل دعم اجنبى بحجة المجتمع المدنى ، وعلى بابا لم يقبل الرشاوى ، وعلى بابا لم يُعين مستشارين بالعشرات ويمنحهم ميزات خارج القانون ، وعلى بابا لم يكن وزيراً يدير الوزاره من بيته او من جناح فى دولة اجنبية ، ولم يكن سفيراً لم يبقى فى مقر عمله اسبوع واحد فى السنة ، لكل هذا وغيره فمسكين على بابا الحقيقى فهو لابد انه يشعر بالخيبة والحسرة لما يفعله على بابا الليبي ..

لقد تسربت القصة الى يومياتنا دون فهم رمزية كلمة السر ، ذلك ان الحصول على كلمة سر المال يتطلب التعب والعمل والجهد كما فعل على بابا ، فالحصول على الكنوز فى الحياة يتطلب الكثير من التعب ، بينما فى بلادى لا يتطلب الأمر سوى منصب او وظيفة كبيرة ..لتكون على بابا ليبي .. الا من رحم ربى ..

 

شاهد أيضاً

سفير بريطانيا يناقش التعاون مع بنغازي اقتصاديا

ناقش سفير بريطانيا “مارتن أندرو لونغدن” والوفد المُرافق له، مع بلدية بنغازي، إمكانية التنسيق لتحقيق …