منصة الصباح

صيد البوري صعب على الهواة

بالحبر السري
————
بقلم: علي الدلالي
….. ….

صيد البوري صعب على الهواة
———-

تابعت هذا الأسبوع بعض ردود الفعل على تصريح الرئيس التونسي قيس سعيد بشأن حقل البوري الليبي منها تغريدة على تويتر للصحفي التونسي محمد كريشان جاء فيها : ((أزمة ديبلوماسية جديدة لتونس … مع ليبيا هذه المرة. السبب تصريح للرئيس قيس سعيّد عن خلاف حدودي بحري سبق لمحكمة العدل الدولية أن فصلت فيه لمصلحة طرابلس منذ 1982. أعجبني تعليق طريف لأحد التونسيين يقول: “لم يبق سوى ربنا سبحانه وتعالى لم نختلق معه مشكلة”!! الله المستعان.))، غير أنني توقفت كثيرا عند تعقيب لأحد متابعي حساب كريشان يُدعى، صادق التركي، قال فيه: ((باش ترضى عليه مصر يلزم يعمل مشكل مع ليبيا)).
لا أريد الخوض في البعد السياسي لتعقيب التركي وأكتفي بالإشارة إلى أن الرئيس السيسي، الجار من الشرق، والرئيس سعيد، الجار من الغرب، يحاولان دون أن يندى لهما جبين للأسف الشديد، استغلال حالة الإنقسام السياسي الذي تعيشه بلادنا للمساهمة مع آخرين في نهب ليبيا والتعدي على سيادتها، فالرئيس المصري يرسم حدود بلاده من طرف واحد وكأن ليبيا التي أرسلت الفراعنة لحكم مصر غير موجودة، والرئيس التونسي قيس سعيد ينفخ الغبار عن ملفات فصل فيها القضاء الدولي منذ عقود.
بالعودة إلى تصريح الرئيس سعيد بشأن حقل البوري الليبي الذي قال فيه ” إن تونس لم تحصل من حقل البوري إلا الفتات القليل، مطالبا بـ “مقاسمة الحقل مناصفة بين ليبيا وتونس”، ومضيفا “أن الحقل يمكن أن يؤمّن كل حاجيات تونس وأكثر”، نعتقد أن هذا التصريح لا يعدو كونه محاولة جديدة للهروب إلى الأمام ولفت الأنظار عن حالة الإحتقان التي تسود الشارع التونسي لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، الشعب التونسي ونخبه السياسية والفكرية أدرى بها.
تأكيدا على تغريدة كريشان نلاحظ أن تحريك هذا الملف المقفل بقوة القانون، من قبل الرئيس سعيد، يأتي بعد حوالي ثلاثة أسابيع من تصريحه المثير للجدل بشأن المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وكان سعيد استنكر في 21 فبراير الماضي تدفق ما أسماه بـ “جحافل المهاجرين غير النظاميين” على بلاده مشيرا إلى “وجود ترتيب إجرامي لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس”.
وأثار موقف الرئيس التونسي ردود فعل غاضبة في كافة الدول الأفريقية التي اعتبرته موقفا عنصريا وتحريضا على العنف والكراهية، وعلق البنك الدولي حتى إشعار آخر محادثات مع تونس بشأن التعاون المستقبلي بعد اعتداءات على مهاجرين إثر هذا الموقف.
إلى ذلك فجر سعيد صداما دبلوماسيا مع المغرب في أغسطس الماضي عند استقباله رئيس جبهة البوليزاريو، إبراهيم غالي، في تونس استقبال رؤساء الدول على خلفية قمة أفريقيا اليابان (تيكاد)، وهي خطوة قدر سياسيون تونسيون آنذاك أنها قد “تزج بتونس في لهيب الصراعات الإقليمية وتهديد ما تبقى من استقرار تونس”.
وتؤكد تقارير الكثير من المؤسسات الدولية منها البنك الدولي والمصرف الإفريقي للتنمية أن السلطات التونسية فشلت حتى الآن في إدارة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد وسط وضع إقتصادي دولي مضطرب سببته جائحة (كوفيد 19) وفاقمتها الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني.
إن السياسة التي يبدو أن الرئيس قيس سعيد لجأ إليها والقائمة على الرهان على تصدير المشاكل الداخلية التي تواجهها منظومة الحكم في تونس إلى الخارج تجاوزها الزمن. فلا يستطيع حقل البوري، خاصة وأن صيد البوري صعب جدا على الهواة، ولا المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء، ولا مناكفة المغرب، حل الأزمة الساسية والإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها تونس.

شاهد أيضاً

أيام‭ ‬الصحافة‭ ‬ 

  فتحية الجديدي سؤال‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬وجب‭ ‬طرحه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬لأسباب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ …