منصة الصباح

زايد..ناقص

جمعة بوكليب

صورة

لولا الحاح مديرة تحرير الموقع الالكتروني بصحيفة الصباح، الصديقة نهلة المهدي، لكنتُ رميتُ الموضوع ورائي، كما يتخلّص إمرؤ من حمل ثقيل وُضعَ على كتفيه. وباختصار آمل ألاّ يكون مُملاً، يتعلقُ الالحاحُ برغبةِ الموقعِ الالكتروني بهذه الصحيفة على التقاط صورة لي، تنشر مرافقة لمقالتي الأسبوعية.

آخرُ مرّة استلمتُ منها مكالمة هاتفية، كنتُ خارج البلاد. وخلالها، أبلغتني أن الموقع الالكتروني للصحيفة قد تمَّ تزويده باستوديو تصوير حديث، وتطلب منّي موعداً للقدوم إلى مقر الصحيفة لالتقاط صورة. أبلغتها أنني خارج البلاد، وأمل أن يتم ذلك في زيارة قادمة. في هذه الزيارة الحالية، “وقفتْ الزنقة للهارب”، ولم يعد ممكناً تفادي ما صممته وخططتْ له الصديقة نهله.
يقولُ مثل قديم، مازال ساري المفعول، إن العطار لن يصلح ما أفسد الدهر. والدهر ليس عدوي فقط، بل هو عدو البشر. لكنّه عدو منصفٌ ومثابرٌ، لايُفرّق بين ضحاياه. يلاحقهم أينما ذهبوا وحيثما حلّوا، ويقتصُّ منهم بطرائقه الماكرة والمؤلمة والمحزنة.

وأنا لست استثناءاً. أصابتني سهامه النارية على حين غفلة منّي، وصيّرتني رَميماً، لا تجدي فيه محاولات اصلاح وترميم وتزويق. وكنتُ أدركُ أنني خلال جلسة التصوير المقررة، سوف أُرهقُ المصورَ لقاء حصوله على صورة، تخفي من عيوبي أكثر مما تُبدي مما ترك لي الدهرُ ، وهو شبه مستحيل. وتصلحُ ليراها قرّاء يستحقون الشكرَ على أهتمامهم بمتابعة ما أكتب

وأنشر من مقالات، ولا تهمهم الهيأة التي أظهر بها في الصورة المرفقة. وأعلمُ أيضاً أن المصور، خلال جلسة التصوير، قد يُصاب بحنق وغضب، يجعله يكره اليوم الذي قرر فيه احتراف مهنة التصوير. وبالفعل، رغم ما أبداه المصور حسن المجدوب من مهنية وأدب ودماثة وصبر، إلا أنّه، في نهاية الأمر، نالَ منه التعب والضجر معاً، وعرف أن ذلك لا علاقة له بمهنيته، وأن حتى المصور المشهور “براقوني” كان سيصل إلى نفس النهاية المؤلمة. والسبب أنا.
وأنا من مضغه الدهر بين أسنانه، وبصقه على قارعة طريق سائب، في انتظار وصول قطار موعود يتولى نقله في رحلة لا عودة منها.

كانت العزيزة نهلة تحاول اقناعي بجمال ما ألتقطه لي حَسنُ من صور، وعلى شاشة الحاسوب، كانت تتابع الصور، وتبدي اعجاباً استهجنته. وكنت أقف إلى جانبها، وبمحاذاتي يقف مصور آخر، حمزة الأحمر. ولم أرَ في كل ما رأيتُ من صور، واحدةً منها صالحة للنشر.

كان السؤالُ الذي يَطُنُّ في رأسي مثل طنين دبور، لماذا تُصرُّ نهلة على وضعي في هذا الموقف البايخ؟ ألم يكن أفضل، لها ولي، الاكتفاء بصورتي القديمة؟

الصورةُ القديمة تلك، رافقت الكثير مما نشرتُ من مقالات في صحف عدّة، وأبدو فيها وسيماً وبشكل مقبول، كونها ألتقطت منذ عدة سنوات مضت، وتحديداً قبل ان يفلح الدهر في اطلاق سهمه المسموم، الذي أصابني فيما تبقى لي من وسامة، ظللت دوماً أهشُّ بها على أناي المجروحة، وأذكّرها بما كان منّي ذات يوم.

أيها الواقفون، مثلي، على جسور الوهم، لا تترددوا. قد آن موعد عبوركم إلى ضفة الحقيقة والواقع المُر. أفيقوا من سباتكم، وانزعوا عن وجوهكم أقنعة الخداع، وأنظروا بشجاعة لمرّة واحدة في المرآة، ولا تخشوا من مواجهة الحقيقة. ما فات فات، وما ولّى انقضى وانتهى. والخيرة فيما اختاره الواقع. والأجر في الصبر على المكاره. وليس أمامكم سوى اجترار ما كان من ذكريات لن تعود، “وحد العياط قولة ووك” إن كان ينفع!

شاهد أيضاً

نَحْنُ شُطَّارٌ فِي اخْتِلَاقِ الأعْذَارِ

باختصار د.علي عاشور قبل أيام قليلة نجحنا نحن الليبيون في ما يزيد عن خمسين بلدية …