بقلم /هيثم الدغري
اقترب العام الذي قررت وزارة التعليم بحكومة الوفاق الوطني أن تُسميه العام التقني ولم يشهد تجسيداً لتلك التسمية أو تطبيقاً لهذا الوصف على أرض الواقع ، حيث حرص العديد من المسؤولين بالوزارة بدءاً من الوزير المُستقيل مروراً برئيس لجنة إدارة الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني وغيرهما في عديد المناسبات والمحافل بترديد قول مفاده أن هذا العام مُخصص لدعم التعليم التقني والفني في الدولة الليبية. تبقى هذه الدعوة مُجرد اقتراح يُمكن للمُختصين بوزارات التعليم والمالية والتخطيط تقييمه ومُقارنة التكاليف المُترتبة على تنفيذه مع تكاليف الإيفاد للخارج وليس رجماً بالغيب القول بأن لا مجال للمُقارنة فمهم كبر الرقم المطلوب لهذا البرنامج لن يمثل شيئاً مُقارنة بالأموال التي تُنفق على الإيفاد للخارج أو التي تُنفق هنا وهناك بداعٍ وبدونه، كما يُمكن دراسة المُقترح لبحث مدى إمكانية تنفيذه وذلك بعيداً عن التحجج بصعوبة التنفيذ بسبب الأوضاع الراهنة والاحداث الحالية حيث عند الإعلان عن تسمية العام التقني في بداية هذا العام لم تكن هذه الأوضاع قائمة أو تلك الإحداث واقعة حيث تم إطلاق التسمية في افتتاح المؤتمر الدولي الثالث للعلوم التقنية يوم 4/3/2019 ويمكن حساب المدة من ذلك التاريخ إلى تاريخ اليوم لمعرفة ما اذا كانت المدة كافية لُتجسيد التسمية على أرض الواقع أم لا، اقله هل كافية للإعلان عن الجدول الزمني لفعاليات العام التقني الذي من المُفترض ان يكون مُعداً قبل إعلان التسمية، أيضا ماهية الفعاليات التي كانت ستُقام تحت مظلة هذه التسمية وفي رحابها، ويمكن من ذلك الوقوف على الطريقة التي تُسير بها أمور التعليم في ليبيا كونها مبنية على أُسس أم هي مجرد شطحات، كما انه قد يصعب قبول التحجج بضعف الإمكانات وذلك في ظل المُشاركة الرسمية على أعلى المستويات في بعض المحافل الدولية التي أكل عليها الدهر وشرب ولم يعد لها من مكان إلى المُتحف، ناهيك عن قرارات تسمية السفراء والمندوبين في المنظمات وغيرها من الإجراءات التي تدل على ان عقارب الساعة لم تقف بوقوع حدث معين وأن دواليب العمل الحكومي تدور، إلا ان كانت النية مُبيتة في تسير أمور بعينها وإيقاف أمور أخرى وذلك حسب الأهواء والمصالح.
ويٌقترح أن تكون آلية تنفيذ البرنامج من شقين داخلي وخارجي، بحيث تتكفل وزارة التعليم بتسديد قيمة الدورات التي يلتحق بها المُشاركون طوال مدة البرنامج، ويتضمن الشق الداخلي التحاق المُشاركين على سبيل التفرغ التام بالدورات التي يُنظمها مركز التدريب والتطوير التابع لمعهد النفط للتأهيل والتدريب أو بالدورات التي يُنظمها المركز الوطني للغات الحية بجامعة طرابلس، ويُتيح الشق الخارجي للمُشاركين الذين اجتازوا الشق الداخلي بنجاح الحصول على فرصة إيفاد خارجي للغة لمدة سنة يُعاملون خلالها من الناحية المادية وفق المعمول به مع الموفدين للخارج للدراسة، وفى هذا الصدد من المهم الإشارة في حصر الجهات المُقترحة لتنفيذ البرنامج بهاتين الجهتين حصرا حيث أن المؤسستين المُشار إليهما من المؤسسات الرائدة في مجال تعليم اللغة الانجليزية، ولعل ما يدفع لهذا الطرح استدعاء التجربة التي أطلقتها المؤسسة الوطنية للنفط قبل سنوات بإطلاق برنامج تدريب شامل وفى أكثر من مجال هذه التجربة التي كان من المُفترض أن تكون رائدة وان تتكرر بشكل دوري لكن للأسف نهشتها أنياب الأدوات التي كُلفت بتنفيذها، وما أدراك ما أدوات التنفيذ من القطاع الخاص، ومن هذا المقام يمكن توجيه دعوة للسادة في المؤسسة لتكرار التجربة بشرط التعلم من أخطاء الماضي.
ويُعتبر المُلتحق بالبرنامج متفرغاً للدراسة كلياً طوال مدة التحاقه بالبرنامج، وتكون مدة الشق الداخلي سنة دراسية متصلة على أن يتم التنسيق مع الجهة التي ستُنفذ البرنامج بحيث تضم دورات مُكثفة، بحيث يتقاضى المُلتحق بالبرنامج طوال مدة التحاقه بالبرنامج المُرتب الأساسي بالإضافة إلى العبء التدريسي (المرتب كامل) وفقاً لدرجته العلمية وذلك بالنسبة للدورات التي يلتحق بها للمرة الأولى (بمعنى التي لا يتكرر التحاقه بها لعدم تمكنه من النجاح فيها من المرة الأولى) أما بخصوص الدورات التي يُعيدها فيتقاضى فقط المرتب الأساسي وفق درجته العلمية وذلك طوال مدة هذه الدورة.
ويمكن وضع بعض الشروط المُنظمة للالتحاق بالبرنامج منها على سبيل المثال أن يكون بالطبع ليبي الجنسية، وأن يكون حاصلا على جميع مؤهلاته العلمية من المؤسسات التعليمية الليبية بمعنى لم يتحصل على إيفاد خارجي لأية درجة علمية، ولم يرد أسمه بقرارات الإيفاد التي تحت الإجراء، وان تكون مدة عمله بالمؤسسة الحالية تجاوزت سنتين دراسيتين على الأقل، وان يتعهد بعدم التعاون للتدريس سواء في القطاع العام أو الخاص طوال مدة الالتحاق بالبرنامج، مع التوقيع على إقرار يُنظم آلية تسديد الرسوم المالية للدورات التي سيلتحق بها ضمن البرنامج بحيث تُعتبر رسوم الدورة التي يُعيدها الملتحق بمثابة سلفة على المُشارك تُخصم من مرتبه وفق الإجراءات المُتبعة بالخصوص، ويُعفى من تسديد رسوم الدورة التي يجتازها بنجاح من المرة الأولى، وذلك طوال مدة البرنامج.
ويمكن اعتبار البرنامج بمثابة استثناء لأعضاء هيئات التدريس من شرط الحصول على قبول أكاديمي الوارد في لائحة الإيفاد الجديدة هذا الشرط الذي يُحاكى أحجية من يكون أولاً الدجاجة أو البيضة، بحيث تُعتبر سنة الشق الخارجي بمثابة سنة اللغة فيما اذا تحصل الموفد على قبول، واذ ما تعذر عليه الحصول على قبول يكون تحصل على إيفاد لغة فقط، فليس خافيا على احد بدء من رئيس مجلس الوزراء مرروا بكل الوزراء ذوى الاختصاص وغيرهم من المسئولين ذوى العلاقة ان الشخص الذي قرر ان يسلك درب التدريس الجامعي كالجندي والشرطي تظل فُرص العمل المُتاحة أمامه محصورة في عدد محدود من الأماكن فالأستاذ الجامعي حصر مستقبله بين مطرقة السبورة وسندان الخطاط مع الأخذ في الاعتبارأن هناك بعض أعضاء هيئات التدريس يشغلون مناصب ومراكز إدارية في الدولة كوزراء أو رؤساء أجهزة أو مكاتب أو دواوين لكن تضل كل تلك الفرص مُحددة وفرص الحصول عليها ان لم تكن محصورة بالمعرفة الشخصية والاعتبارات القبلية والجهوية ففرصة المنافسة عليها صعبة، لذلك يكون هناك إجحاف في مساواة عضو هيئة التدريس مع غيره في فرص الإيفاد وحتى الدفع بان في المساواة عدل مردود عليه بالتذكير بأن هذا مذهبا اشتراكيا اندثر من العالم اجمع حتى في الدولة التي انبثق فيها، وإلا فليتم العمل على استرداد صفة الاشتراكية التي كانت ترد في الاسم الرسمي للدولة الليبية لتُقرن باسم الدولة الحالي.