منصة الصباح

تفكك الأسرة وتمرد الأبناء

بقلم / إبراهيم تنتوش

المتأمل لواقعنا المعاصر والمستحضر للماضي القريب عندما يقف مع نفسه وقفة تدبر وتأمل لا يصدق نفسه أنه في وسط مجتمع ينتمي لأمة محمد صلى الله عليه وسلم مهما حاول أن يقنع نفسه لما يراه من تمزق في النسيج الإجتماعي والبعد عن التعاليم الدينية التي تنبثق منها عاداتنا وتقاليدنا التي نشأنا وكبرنا عليها ولعل بعض الظواهر الإجتماعية التي طغت على معظم الأسر الليبية – بل معظم المجتمعات العربية – خير دليل على الصدمة التي نعيشها ونراها كل يوم في معظم البيوت إنها ظاهرة التمرد .

تمرد الأبناء على آبائهم وأمهاتهم بل التمرد على كل عادات وتقاليد المجتمع الإسلامي . أصبحنا نرى ونلاحظ هذه الظاهرة تكاد تكون في كل بيت وكل قرية ومدينة وإذا انطلقنا من أول لبنة من لبنات أي مجتمع وهي الأسرة ونظامها الداخلي باعتبارها المؤسسة الأولى التي ينهض عليها المجتمع قبل غيرها .

نقول وللأسف الشديد سنجد كل بيت يشكو من تمرد الأبناء على النظام الداخلي للأسرة فالأم تشتكي من بناتها بأنهن لا يسمعن كلامها ولا يحترمن توجيهاتها وكذلك الحال مع الأب وأبنائه سواء الصغار منهم والكبار من باب أولى .فأصبحنا نرى من النادر ما يسأل الابن عن أحوال أمه وأبيه بل لعله لا يراهم بالأيام حين يدخل للبيت في ساعات متأخرة من الليل ليضع رأسه علي الوسادة وينام ويستيقظ وقد ذهب الوالدان إلى العمل في حالة  يكون كلاهما مرتبطاً بالعمل .

أصبح البيت الذي كان زمان مكانا يجتمع فيه الأب والأم والجد والجدة والأحفاد وما يصاحبه من تلك الجلسات والأمسيات الزاهرة والعطرة بكل ما يتخللها من أحاديث حلوة وعادات أحلى أقول أصبح ذلك البيت مثل الفندق تماماً وليس بيت العيلة الذي كنا نعرفه في عهد أجدادنا وشبه إنعدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأسرة ككيان واحد خصوصاً بين الأبناء فكل واحد يفكر في نفسه فقط .

ولابد لنا هنا من الإشارة إلى أنه قد تكون هناك أسباب لهذه الظاهرة الخطيرة ظاهرة التمرد على الأباء والأمهات والأقارب بل التمرد على المجتمع بكامله .

فقد تكون هناك أسباب نفسية أواجتماعية أو اقتصادية بل الواقع السياسي المرير والمزري الذي تمر به بلادنا خاصة ومعظم البلاد العربية ولعل البعض يعزو ما يحدث من تمرد وخروج عن العادات والتقاليد الإجتماعية بل والتوجيهات الشرعية والتمرد على الوالدين بل حتى التمرد على المدرس والأستاذ الجامعي ورجل الشرطة كل هذه الظواهر يعزوها إلى ظاهرة الانفتاح الكبير في ثورة المعلومات ووسائل الإتصال والفضائيات التي غزت كل بيت وكل عقل والتي انتجت لنا هذه المظاهر والسلوكيات الغريبة  وغير المنضبطة بتعاليم ديننا الحنيف فكانت النتيجة هي التمرد الذي نراه في جميع أركان المجتمع والمؤسسات العامة وكذلك أيضاً قد يكون انشغال الوالدين في العمل خارج البيت وعدم إعطاء الأبناء الوقت اللازم والكافي لهم بل وإسلامهم للشاشات المرئية وتلبسهم كذلك بالأنشغال على وسائل التواصل الاجتماعي أقول قد يكون هو أيضاً عنصراً فعالاً في تفاقم هذه الظاهرة التي لا أكون مبالغاً إن قلت إنها مزقت الأمة بكاملها لأن الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع والمجتمع أساس للدولة والدولة جزء من الأمة .والحل الأمثل لعلاج هذه الأزمة هو أن يعي الأبوان حجم المسؤولية المناطة بهم فالأسرة ليست مصنع تفريخ دواجن بل هي مصنع من مصانع الرجال .

 

شاهد أيضاً

سحب عينات من شحنة لقاحات الحمى القلاعية الموردة

باشر فريق جهاز الرقابة على الأغذية والأدوية فرع بنغازي عملية سحب عينات من الشحنة الموردة …