بــــــوضوح
بقلم /عبدالرزاق الداهش
مرة أخرى يدخل علينا عام جديد، دون أن يطرق الباب، أو يرن الجرس، أو يبعث لنا برسالة نصية.
ومرة أخرى يحط بنا الزمان على «رانويه» سنة جديدة، دون أن تأخذ إذن الهبوط من أي برج مراقبة في ذاكرتنا.
الأعوام تأتي في موعدها، وتغادر في موعدها، ولا تمر بإجراءات الحجز، واجراءات «التشك أوت»، ولا يهمها ما إذا كنا جاهزين لاستقبالها عند الباب، أو كنا ننظف أسناننا في الحمام.
كنا ملزمين بتصحيح علاقتنا غير السليمة مع الزمن، وتعديل ساعاتنا المعطوبة على دقات «بيغ بن » العصر.
الزمن محايد لا يوقظ أحدا ما لم يستيقظ بنفسه، ولا يرش الماء على أحد لم يضبط ساعته البيولوجية على طلوع النهار، ولم يعط أية أمة وقتا زائدا لتأخذ كرسيا وتتمدد على شرفة التاريخ تتفرج على مسابقة للركض العلمي.
لقد خسر أهل الكهف علاقتهم بالزمن ، فوجدوا أنفسهم غرباء على الحياة .. عملتهم لم تعد صالحة للتداول ، ولغتهم لم تعد صالحة للتفاهم.
مازلنا نعيش زمن فتائل الزيت في عصر ما بعد الطاقة النووية، ومرحلة الكهوف الفكرية في عصر ما بعد الهندسة الوراثية، حقبة اللون الواحد في عصر ما بعد الصورة ثلاثية الأبعاد.
لا يمكن ان نبقى كمهاجرين غير شرعيين تسللوا إلى العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين في غفلة من منطق الأشياء.
ولهذا نحن في حاجة إلى مشروع مارشال لإلغاء فارق التوقيت مع العصر، و في حاجة إلى مشروع مارشال لتعمير العلاقة بالزمن الحقيقي.
نحن في حاجة إلى تطبيع علاقتنا بالعصر، كي لا نظل نعيش بأثر رجعي.