منصة الصباح
زكريا العنقودي

(ترند الزمزامات ) !!

 

زكريا العنقودي

لم يحتاج الأمر (لزمزامتنا هذه كي تستعيد الترند ).. وطبعا أنا هنا أعتذر عن فن الزمازمات والفنانات الشعبيات بليبيا زمان .. ذاك الايقاع الشعبي التراثي الاصيل ، البوطويل وغيره والكلام الزين و الرصين ، والغزل العفيف .

لكنني اقصد من نسبوا انفسهم لذاك الجيل ، غير انهن ابعد ما يكون عن تلك الاشعار و الايقاعات والنغمات والتي خلدتها الذاكرة الليبية ضمن أرثها الجميل .

اعود لصاحبتنا ، والتي جل فقراتها في المناسبات (عياط وزعيق ) يتخلله بعض الكلام الذي عادة مايكون ابعد عن العفة ، وعن ما تعود ان يستمع اليه مجتمعنا المحافظ .

صاحبتنا هذه خسرت الترند طوال المدة الماضية ، لصالح العديد ممن هن على شاكلتها ، ومنهن وكمثال من اطلت علينا اخيرا عبر منصة التيك توك تغني في حفلة عرس ، و محتواها بالكامل تهريج .. عيون حول ..وكلام من عجين اتحدى اي شخص ان يفهم معناه .. كلمة واحدة فهمناها وكانت بانجليزية مكسرة .

(اوه وه وه ماي قاد ) .

تربعت هذه الاخيرة على عرش الترند ، مما ازعج صاحبتنا التي اصرت بالمقابل على استرداد مكانتها ، وكما اوردت في مفتتح هذه المادة لم يحتاج الامر منها الا استغلال مناسبة فرح حضرته امهات وعمات وخالات ومن الطبيعي الصبايا والبنات بل والصغيرات منهن لمشاركة قريبتهن ليلة عرسها بالصالة .

صاحبتنا هذه والتي تحجز بموعد مسبق و طويل الاجل وبصعوبة فالامر قد يحتاج لعلاقات ، اضافة للقيمة المادية العالية التي تفرضها على كل مشاركة وحفل .. وبهذا العرس وفي إحدى الفقرات ، امسكت المايك بكلتا يديها ، واصرت على مشاركة الجمهور فاسكتت الايقاع وتغنت بصوتها الخشن ونظراتها المرعبة بالدعوة للفاحشة .. (يجيني صاحبي وقدام صغاري ) .

وهي لم تكتفي بذلك بل وخارج اللحن نضرت لهذه الرذيلة مخاطبة جمهورها ارتجالا .. بقولها ( ولا وحدة منكم قالت راجلي ) ..وكانها تعطي المكانة بل والرخصة للصاحب العشيق كبديل للزوج .

ثم عادت للغناء ومصرة على تكرار (يجيني و قدام صغاري ) .

انهت صاحبتنا هذا الحفل وخرجت بالقيمة المالية الكبيرة نظير احياءها هذا الحفل .. كما انها خرجت ومزهوة بانتصارها الكبير ، وكيف لا وهي واثقة وبعد فقرتها تلك من استردادها لعرشها وعودتها بقوة كترند وعلى كل منصات التواصل الاجتماعي .

طبعا اكتب هذا بمرارة . ومجبر عليه ، فانا عادة لا اكتب الا ما احب ان اخوض فيه .. كما انني ملاحظ لهذه الكارثة من فترة ، فنتعوذ من الشيطان ونقول لربما يعتدل الامر قريبا ، لكن حدث العكس وتغولت الامر ، وزاد الاحساس بالخطر فتوجب ان اتدخل وزملائي ايضا اعلامياً ، وننبه لخطورة هذه الظاهرة ، والتي في الفترات الاخيرة صارت عادة بل وصناعة .

وانا هنا لا أشمل كل من يعملن بالمجال ، فمن القديم واعراسنا تحتاج لزمازمات ومغنيات ومع ان التهريج هو الطاغي الآن ، لكن اكيد ان ثمة بالمجال الكثير من المحترمات واللواتي من الاساس لا يعتمدن الا على ما توارثنه من الجيل القديم ، و على سمعتهن التي مثل الذهب ، وهذا لا يحتاج منهن لا الى ( التيك توك ولا الريلز ) بل ان اغلبهن لايعرفن مصطلح ترند اصلا ..كما انهن يعملن ضمن شكل العرس التقليدي القديم نجمة .. قفة .. حنة .. ولباسهن ايضا زي شعبي حوالي وردوات وتساتميل ومصاغ من فضة وكلا زيها حسب منطقتها .

اعود … لاؤكد .. ان هذا الامر وكل الاجراءات الامنية المتخدة بحقه اجدها غير مناسبة وليست الحل .فالحل يكمن كما العالم والدول المجاورة .. ما يحدث سيتكرر ويتغول اكثر إن لم توجد نقابة للفنانين نقابة موحدة وعلى مستوى ليبيا .. نقابة بلوائح وقوانين وبنود والية للتطبيق .

نقابة تمنح التراخيص ، وتجيز الغناء لمن هو اهل له ، وترفض كل من هو بعيد عن المجال .

نقابة بشروط تشمل كل من ينتسب اليها من فنانين ، سوى العاملين باكبر مستوى اقصد الحفلات العامة والمناسبات الرسمية والمشاركات الخارجية ،حتى اخيرا الافراح والمناسبات الشخصية .

وليس هذا فقط ، فلو وجدت النقابة الحقيقية ، فهي ستملك الحق في معاقبة كل من يخالف قوانينها والتي ستدون في لوائح سيدرج فيها الكثير من التجاوزات بل الجرائم الفنية والتي حتما ستكون على راسها كل غناء يدعو للفاحشة .. ويكسر القواعد والثوابت التي هي الاساس القوي الذي تقف عليه مجتمعاتنا ..والتي هي ليست مجرد قواعد فقط بل هي إنتماؤنا وهويتنا .

.

شاهد أيضاً

قرار فرض الضريبة على النقد الأجنبي، ما بني على باطل فهو باطل ….

بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون. صدر حكم محكمة الخمس الابتدائية بتاريخ (29/4/ 2024) …