منصة الصباح

بين يدي «نص»

بين يدي «نص»
____
فتحية الجديدي

في النص التاسع عشر بديوان الشعري الثاني، الذي حمل عنوان “ آخر الكوب “ تلعثمت عندي الحروف ولم أستطع الوقوف في منطقة الحياد بين حالتي وتداعياتها على نصي والموقف اللغوي للتركيبة النصية من حيث إخفاء أو بوح ما لا يتعلق بي ، هكذا هي الكتابة تأخذك لمناطق مشتعلة أكثر خصوصية وأخرى مظلمة تستطيع البوح من خلالها وأنت مغمض العينين.
في آخر المطاف تبكي بحرقة لما ألم بك أو تبتسم للحظة كنت فيها غبيًا وتلوح لك فكرة أنت من كشفت عن مكنونك وأفشيت سرك وتخلصت من رواسبه ، لكن حقيقة الأمر ظهر في عيون الآخرين الذين صوروا لك حالتك كما هي .. نصي المربك في وقعه لازال يربكني، يريد أن يتفجر مني ويهجر ضلوعي، لكن من حولي يخافون زلازلي وينصحونني بالصمت وبين خطواتهم أرى زيفًا ومياه عكرة تفوح من أفواههم كأنهم «يتريقون» ضعفًا ويستهزئون بالأقوياء ، يستعرضون أدوارهم ولايكترثون بالنصيحة ، هل هم على حق وأنا التي أخطأت تقديرهم ، أم أنني أراهم عراة في زمن باتت فيه الأغطية ملوثة !
لا أقدم قراءة في نصي اأكثر من وضعي الإصبع على جرحي وأنا عاجزة أمام نفسي.. أريد أن أكون جريئة رغم أنني كذلك في نظرتي للأمور وعكس ذلك في مواقفي ، هل أخذني ذاك الرجل الذي أخبرني عن غربته وعاد لنصيحتي بأن لا أغادر وطني ؟ أم إنه نموذج بائس قصد تقديمه لي كي لا أرى آخر الكوب ولا أعرف طعمه ، أم إنني تعمدت إثارته بالمكان واختلست منه لحظات ألم كي يكون مكشوفًا لي ! كم أنا شريرة مغلفة بطيبتي وكم أنا مسكينة بقوتي ، حين أقفلت النص تبين لي كم هو قوي وكنت الأضعف في مواجهة نفسي حتى ، وأن وطني شعور وليس أوراق مقايضة ، صديقي كم كان جميلًا مع بلهاء مثلي تستفزه بغربته ويرد عليها بمحبته ، حينها قدمت له نصي ورشفات صادقة من شاي ساخن في جلسة كان فيها الإنسان الحقيقي بعد غياب عشرين عامًا ، عاد بكلماتي وصورتي وأحلام الصبا .
بِمَذَاقِهِ الْمُرِّ
آَخِرُ الكُوبِ
كَانَ وَطَناً فِينَا
يُبْكِينَا..
صمت دار حولنا
عدنا لاحتساء الشاي
فِي أَعْوَامٍ لَمْ تُسْعِفْنَا
فِي شَوَارِعٍ لاتشبهني.

شاهد أيضاً

الـولاء للـــوطن

مفتاح قناو لا يمكن للمواطن الليبي العاشق لتراب هذا الوطن أن يكون شيئا أخرا غير …