عمق
بقلم /علي المقرحي
إن ما نتج عن «سبتمبر» من تلاعب بالساذجين والبسطاء، والذي شمل مختلف فئات المجتمع وأفضي إلى تفكك النسيج الاجتماعي ، تجلى في سلوكيات وممارسات لم يعتدها الليبيون ويأنفون منها قبل تفشيها بينهم واستمراءهم إياها ، ولا نرانا في حاجة إلى التذكير بالضحايا الذين شُرِّدوا والذين سُجنوا والذين أُغتيلوا لأنهم رفضوا المهانة والقهر والكذب ، ووصموا بالخيانة وكأنما هم وبقية الليبيين قد وقعوا صك تنازل عن عقولهم وضمائرهم لمعمر القذافي ليتصرف فيها وفق ما تمليه عليه نزواته وأهواؤه .هذا والكثير الكثير من الفساد والافساد مما لايتسع له مقال مقتضب مثل ، يرينا أن معمر القذافي هو الذي انحرف بثورة سبتمبر عن أهدافها وأعاقها عن تحقيق غاياتها ليوظفها لتحقيق نزوعاته الانانية المتغولة ، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا مغالط أو ضحية من ضحايا التزوير من المغالطة ، والتي من بين ما يميز ضحاياه أنهم يرون في معمر القذافي تجسيداً لثورة سبتمبر في الوقت الذي كان هو نفسه من اغتال تلك الثورة التي لو اتيح لها أن تجدّ وراء الطموحات والأحلام التي وئدت في صدور الذين صنعوها ، لما عرف الليبيون اربعين عاماً من المعاناة المريرة والقاسية ، كانت مبرراً شرعياً للثورة والعمل على تقويض كيان أضفت عليه الدعايات والإدعاءات الكاذبة من الملامح ما يفوق تمثال الحرية من فخامة ومهابة ، لكنها أخفقت في إخفاء حقيقة أنه كان أجوفاً مثل تمثال الحرية وأكثر فراغاً من ذلك الهيكل الأصم ،عبر هذا الطريق المرتوي بدم الليبيين وعرقهم ودموعهم والمجبول من كمدهم وغصصهم وثكلهم ودموعهم وآهات ألَمِهِم جاءت ثورة فبراير لتكون نقطة في آخر سطر من سفر معاناتهم . وليس كخيانة للوطن ولا لحاكم صالح ومصلح ، إضافة إلى أن أحداً منا لم يوقع صكاً يتنازل بموجبه عن عقله وضميره وحياته وكرامته لمعمر القذافي يعيث فيها فساداً ، كما أن فبراير لم تأت بالناتو كما يصر المتشبعون مغالطة ، بل الذي جاء بالناتو من لم يكتف بالتسلط على الليبيين وقهرهم وإذلالهم بل دفعه غروره المراهق إلى استفزاز الدول الكبرى القائمة سمعتها العالمية على القوة والقدرات المسلحة .ويبقى السؤال المهم ، ماذا بشأن الغد ؟ وهل نأمل في أن يكون لنا موقع قدم في الطريق إليه ومكان فيه مالم نراجع انفسنا ونمارس نقداً ذاتياً تمهيدا لمصالحة نقبل فيها بعضنا البعض بكل اختلافاتنا وافكارنا المتباينة ، وأن نحرص على ألّا تتحول اختلافاتنا المعبرة عن الاريحية ورحابة الصدر والأفق إلى خلافات كامدة ً؟دعونا نحاول ، على الأقل من أجل الّا نتجشم ثقل الاعتذار للذين سيجيئون بعدنا ديناً على كواهلنا ، فلنعتذر الآن لأبنائنا وأحفادنا ، فالاحفاد الذين اعتذر منهم بريخت هم الذين صنعوا مجد المانيا الحالية وهم الذين يحافظون عليه ويطورونه .
الوسومسبتمبر
شاهد أيضاً
التومي على مذكرة تعاون مع وزارة اللامركزية الجيبوتي
الصباح وقع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي ، و وزير اللامركزية الجيبوتي قاسم هارون …