وجهة نظر
بقلم / د. طه بعرة
أستاذ القانون
وزارة المالية بحكومة الوفاق الوطني وعلى خلفية تأخر مرتبات موظفي القطاع العام للدولة، أصدرت بتاريخ 21 يناير 2020م عبر حسابها غير الرسمي بموقع فيسبوك، بيانا ذكرت فيه بأن (مصرف ليبيا المركزي قد قام بترجيع الحوالة المالية الخاصة بمرتبات شهر يناير 2020م، دون أي مصوغ أو مبرر قانوني، بالرغم من توفر التغطية المالية بحسابات الخزانة).
وبتاريخ 24 يناير 2020م من نفس الشهر نشرت صحيفة صدى الاقتصادية عبر موقعها الإلكتروني، بأن مصرف ليبيا المركزي قد اعزى سبب إرجاعه لحوالة المرتبات (بعدم إقرار الميزانية للسنة الجديدة 2020م).
وبتاريخ 28 يناير 2020م من نفس الشهر نشرت وزارة المالية عبر صفحتها غير الرسمية بموقع فيسبوك، بياناً رسمياً أشارت فيه إلى إعدادها لاذونات الصرف والحوالات المالية للقطاعات والوحدات المالية الحكومية، تنفيذاُ لقرار المجلس الرئاسي للحكومة رقم (1569) لسنة 2019م بشأن فتح إعتمادات شهرية مؤقتة، وإحالتها إلى مصرف ليبيا المركزي بتاريخ 23 يناير، إلا أن الأخير قد ارجعها بحجة عدم اعتماد الترتيبات المالية لعام 2020م، وهي حجة واهية وتنم عن عدم فهم ومتابعة، وقد عاودت الوزارة محاولتها بتاريخ 28 يناير لمصرف ليبيا المركزي ولكن دون جدوى ودون أساس من الواقع والقانون، وقد أشهدت الوزارة أبناء الشعب الليبي على إخلاء مسؤوليتها القانونية والأخلاقية إزاء تصرفات المحافظ.
وبنفس التاريخ 29 يناير نشرت وزارة المالية كتاباً موجهاً إلى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني احتوى على ذات المضمون السابق.
لا شك بأن وزارة المالية بكتبها وبياناتها قد مارست الشفافية على اعلى مستوياتها، وقد رفعت كل غموض او لبس في إجراءاتها، بل وقد أعلنت بكل شجاعة عجزها عن آداء عملها أو إستكماله، ووضعت رئاسة الحكومة أمام مسؤولياتها، والموظفين أمام واقعهم المعطل.
وزارة المالية بمخاطباتها المذكورة وما أشارت له فيها من مستندات وإجراءات قد وضعت عملها أمام رقابة الشعب والقانون والسلطة، وطالبت بإخلاء مسؤوليتها إتجاههم، ولاينكر عليها في ذلك غير عدم لجوئها رسمياً لكافة الجهات الرقابية والقضائية المختصة، والإبلاغ عما ارتئت فيه إخلالاُ أو جرماً إجترحه محافظ مصرف ليبيا المركزي أو كادره الوظيفي، بإعتبار أن الأخير يمثل جهازاً من أجهزة الدولة السيادية، ويفترض بأنه يعمل داخل خلية الدولة، وموظفاً لدى الشعب بأكمله وتحت سطوة القانون الوضعي، فلا يجب على الوزارة أن تعزز مفهوم الدكتاتورية الادارية وقانون القوة الذي ارتأته في المؤسسة النقدية أو من يتولى إدارتها، وتغلبه على بقية المؤسسات الرقابية والقضائية لتكون قد حكمت مسبقاً بعلو الأول عن القانون وعجز البقية عن إنفاذ القانون.
لكل ذلك أوصي وزارة المالية ورئاسة حكومة الوفاق الوطني بأن تلتزم بتطبيق القانون ومساراته المختلفة التي رسمها في حالة مخالفته أو الإمتناع عن تطبيقه، ونقل المسؤولية بذلك إلى الجهات التي تختص أصالة بالتحقيق والمحاكمة والتبرئة والعقاب.