منصة الصباح

الملح و النخبة ( 3 )

الإسقيط” !

حسام الوحيشي

الدفتر و القلم القصير بين يديه، حشرهما في السترة. تفقد كتفه ثانية  وعثر على الحقيبة. اختار من حزمة الرسائل واحدة وردية يفوح منها عطر رائع. أشرعها و طفق القراءة:

“كنت أتجول في الغابة عندما عثرت على القفص.

عليك أن تبحث عن القلب .

مسندا ظهره على جذع شجرة، كان يردد هذه الكلمات محدقا في الفراغ. كتب  وبضع مخطوطات دونت باقلام حبر متنوعة الألوان. لم يكن هناك حاسوب أو هاتف ذكي، لكن قرصا مرنا لاح لي على العشب.

عليك أن تبحث عن القلب ، واصل.

قلت: منذ متى وأنت خلف الجدار؟

نظر لي: لا جدران، لا جدران. خرجت لأحضر الورد . أصرت أمي: إلى متى ستبقى مستلقيا على الأريكة؟ عليك أن تحضر الورد، وفي طريقك إلى النافذة ابحث عن القلب.

كنت أتجول في الغابة عندما عثرت على القفص. لم أكن سعيدا برؤيته. حزينا، راقبت الجدار. نحن أيضا نراقب البرج. عسس يتراصفون قرب جذوع أشجارنا ولم نتكأ. يخيم الصمت إذا طرق الباب. نتذكر القهوة وكتبا لم نرقشها في الصخر.

وجها قديما يداعب الروح. قيثارة سقطت أناملها.

أجل، لم نبحث عن القلب.

أتريد رغيفا من الحب ؟ آمل أن أثير اهتمامك. قبل سنوات كنت غارقا. أعشاب كثيرة في الحديقة، غرف جيدة يعمرها الدفء، صندوق من الحكايا القاسية، و فراش وثير يحضن أنفاسنا المرحة. وذهبت…

متى؟ إنه الخريف . قدت طوال الأسفلت إلى المطار. قضيت عطلة الأسبوع في الوادي و عدت. ضحكت بكثافة ثم أخطأت.

جبت الدغل الصغير لساعات. لم أبحث عن القلب ولم أحضر الورد. أصبت بالجنون. ثمة المزيد ولكن… السنجاب على الغصن تابع البكاء والحفر. منذ متى تخشى الجدران؟

متندا ظهري إلى جذع الخواء، سحلت الطلسم صوب البحيرة. إنه الدخان يتصاعد من ركوة القهوة. لقد أثار اهتمامك.

 

في الأغنية يخرج شعرها عن النص. لقد وجدت الورد !

قرب العريشة تماما حيث واجهت الصندوق. حطاب هرم يرتدي حذاءا عسكريا انهمك في طارقات صندوق آخر. لا بأس، ولا ضير أبدا. بعد سنوات مازلت غارقا دون قلب . على سبيل المثال، البقعة العمياء لم تفقد ظلمتها، و السنجاب يعرف كل شيء. كل الحيوانات تدرك ذلك.

كنت أتجول في الغابة عندما فتحت باب القفص.”

شاهد أيضاً

اللي تعرف ديته.. اقتله

مثل ليبي يصف بعضا من الواقع الذي نعيشه بإرادتنا أو فرضًا علينا، فمنذ أيام ضجت …