منصة الصباح

موقف القانون الليبي من جريمة تزييف النقود وتداولها …

بقلم : آمنة الهشيك/ أستاذ قانون

تعد جريمة تزييف العملة من الجرائم شديدة الخطورة ليس فقط لأنها تحقق ربح غير مشروع للبعض ، بل لأنها أحد صور الجريمة المنظمة باعتبار آثارها تتخطى حدود الدول .

أيضا لتأثيرها بشكل مباشر على المستوى الإقليمي والعالمي للكيان الاقتصادي والسياسي ، فهي تؤثر على سمعة للدولة والتبادل التجاري مع الدول الأخرى.

إلى جانب كونها تمثل اعتداء على سيادة الدولة وعلى حقها الأصيل في إصدار العملة ، كونها تحتكر لنفسها هذا الحق باعتبار أنها مصدر الثقة داخليا وخارجيا ،

وعلى الرغم من أن أغلب التشريعات المقارنة فرقت بين التزييف والتزوير ،

فعرفت التزييف بانتقاص شي من معدن العملة ، أما التزوير هو تغيير الحقيقة في عملة كانت صحيحة . فالتزوير يقع على العملة المعدنية و الورقية ، أما التزييف لا يقع إلا على العملة المعدنية فقط .

إلا أن القانون الليبي وصف الجريمة في الفصل الأول تحت بند ( تزييف النقود والطوابع)

و نظرا لأهمية وقيمة العملة الوطنية فهي تكتسب مكانتها وقوتها من الحماية القانونية لها.

فاعتبر القانون جريمة تزييف النقود جناية وأما تداولها وإعادة التعامل بها جنحة ،

حيث نص في المادة (326) ” يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار كل من قلد النقود الوطنية أو الأجنبية المتداولة قانونا أو عرفا أو غير النقود الصحيحة بأي وجه …..أو أدخل إلى ليبيا نقدا مزيفا بإحدى الطرق ……”

 

أيضا تداولها بعد استلامها بحسن نية يشكل جريمة لأنها من الجرائم التي افترض فيها القانون عنصر القصد ، فاستنادا لنص المادة ( 327) ( صرف النقد المزيف بنية حسنة) والتي تنص ” من تسلم بحسن نية نقدا مقلدا أو مزيفا وصرفه أو تعامل به بعد علمه بعيبه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على ستة أمثال النقد الذي صرفه ”

 

أما مجرد الصنع أو الحيازة لوسائل التزييف تعد أعمال تحضيرية لم يفرد لها القانون نص يجرمها . إلا أن القانون المصري جرم حتى الأعمال التحضيرية لهذه الجريمة واعتبرها بداية لخطة تليها مرحلة التنفيذ . مما يستلزم ردعه .

 

أيضا القانون الليبي يلاحق مرتكب هذه الجريمة (تزوير النقود)حتى خارج حدود البلاد استنادا لمبدأ عينية الجريمة كاستثناء من مبدأ إقليمية القوانين ، باعتبار أن هذه الجريمة تمس سيادة وأمن الدولة وذلك استنادا لنص المادة رقم” 5″ من قانون العقوبات في فقرتها الثانية : تسري أحكام هذا القانون أيضا على :

: كل من ارتكب خارج ليبيا جريمة من الجرائم الآتية منها :

” جناية تزييف نقود متداولة قانونا في ليبيا مما نص عليه في المادة (326) ”

 

وبهذا يجب معالجة هذه الجريمة بإتباع آليات أكثر علمية و دراسة دون أن يتضرر المواطن فمصلحة المواطن هي الأولى بالاعتبار كون أن ثقته يستمدها من الدولة . وذلك باتخاذ إجراءات تعطي حل جدري لمنع تداول العملة المزوه .

والبحث في أصل الإشكالية هل التزوير تم في الداخل أو في الخارج ؟ وهل يوجد عملات من فئات أخرى مزورة ؟ و إزالة الحصانة وفتح تحقيقات ويخضع كل مشتبه فيه للمسائلة الجنائية حتى يقدم الجناة للعدالة باعتبار أنها جريمة تهدد سيادة الدولة .

فالأجهزة الأمنية وحدها في ظل التطور التكنولوجي لن تستطيع مواجهة بمفردها مما يستلزم

إدخال تعديلات على القانون حتى يواكب التطورات ونشر التوعية للرأي العام والبحث عن طرق متطورة تكفل حماية العملة النقدية.

شاهد أيضاً

يوم للصحافة ام للحرية!

فتحية الجديدي لا مناص بأن حرية الصحافة تُعد بمثابة الضلع الثالث لبناء العمل الصحفي الجاد …