منصة الصباح

وحش تحريك الملفات من الرجمة إلى المصرف المركزي

وحش تحريك الملفات من الرجمة إلى المصرف المركزي

بالحبر السري

بقلم: علي الدلالي

طل علينا هذا الأسبوع وحش تحريك الملفات مستهدفا اثنين من الملفات الساخنة، الأول اللقاء الثلاثي الذي جمع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، وقائد القيادة العامة في المنطقة الشرقية، المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، دون مقدمات أو توضيح للشعب الليبي الذي مل الاجتماعات وصور الابتسامات المبتذلة التي تذكرنا بالصورة الكاريكاتورية للفنان المبدع الراحل محمد الزواوي لاجتماع مسؤولين عرب وهم يبتسمون حول الطاولة ويحملون خناجرهم المسمومة وبنادق الغدر بأيديهم خلف ظهورهم.

توسط المشير خليفة حفتر الصورة المنشورة عن اللقاء الثلاثي الذي جمعه السبت الماضي في مقر قيادته بالرجمة مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي(الذي كان على يساره)، ورئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح (الذي كان على يمينه)، وهي صورة مختارة بعناية ورسالتها لا تتطلب كثيرا من الذكاء، فهي توضح ما يًمكن اعتباره مركز القوة في المشهد الليبي، وإن كان فيه الكثير من الوهم، حيث كان من المفترض “بروتوكوليا” على الأقل، أن يتوسط رئيس المجلس الرئاسي الصورة أو رئيس مجلس النواب الذي عين المشير حفتر في منصبه.

تحرك وحش حلحلة الملفات كذلك من خلال الصورة التي نُشرت عن اجتماع محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، ونائبه مرعي رحيل، للإعلان بعد الاجتماع وفق ما نشره المصرف عبر حساب على فيسبوك، أنّ “مصرف ليبيا المركزي عاد مُؤسسة سيادية موحدة”.

انقسم مصرف ليبيا المركزي على نفسه إلى مؤسستين عام 2014 بعد اندلاع ما عُرف بـ “حرب فجر ليبيا”، الأولى في العاصمة طرابلس، برئاسة، الصديق الكبير، والثانية في مدينة البيضاء، برئاسة نائب المحافظ، علي الحبري، قبل إقالته من قبل مجلس النواب، واختيار مرعي رحيل، بديلا له.

انطلقت عملية إعادة توحيد المصرف عام 2022 بتوقيع عقد لتقديم خدمات إستشارية مع شركة (ديلويت للخدمات المهنية) لدعم تنفيذ خارطة إعادة التوحيد المتفق عليها. وكانت ذات الشركة أنجزت قبل ذلك عملية “المراجعة المالية الدولية للمصرف” التي بدأت منذ سنة 2020 بطلب من رئيس المجلس الرئاسي السابق، فائز السراج، إلا أن ما توصلت إليه الشركة الدولية ظل طي الكتمان.

سارعت مصر، في ملف الوحش المتحرك الأول إلى الترحيب باللقاء، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، وركزت ترحيبها على ما تضمنه بيان الاجتماع الثلاثي من “تأكيد على الملكية الوطنية لأي مسار سياسي وحوار وطني ليبي وتولي مجلس النواب ممارسة صلاحياته في اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة باعتماد القوانين الانتخابية المحالة إليه من لجنة 6+6 بعد استكمال أعمالها، ودعوة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى عدم اتخاذ أي خطوات منفردة اتصالاً بالمسار السياسي”.

كان يتعين على الجانب المصري، في اعتقادنا، التقليل من دس أنفه في الشأن الليبي وترك فسحة للطرف الآخر في المشهد الليبي لكي يتفاعل مع نتائج هذا الاجتماع الثلاثي خاصة وأن المنفي تواصل مع رئيس الحكومة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باثيلي، وأبلغهم بنتائج هذا اللقاء، الأول من نوعه، ولم يتواصل مع الجانب المصري، أو هكذا نعتقد.

وفي ملف الوحش المتحرك الثاني، جاء الترحيب بهذه الخطوة المفاجئة ودون سابق إنذار، من غالبية متصدري المشهد الليبي ومن العديد من الأطراف الخارجية التي لا بد من الإشارة إلى أن ترحيبها كان مرفقا بشيء من الحذر خاصة فيما يتعلق بإشكاليات الدين العام والتوزيع العادل لعائدات النفط.

ويبقى السؤال الأبرز، لماذا تململ وحش تحريك الملفات الحساسة في هذا التوقيت بالذات.

ترددت أنباء عن اعتزام المبعوث الأممي اقتراح خطة بديلة في إحاطته أمس الأول الثلاثاء، أمام مجلس الأمن، تتضمن تجاوز مجلسي النواب والدولة إلا أنه يبدو أن باتيلي تراجع في اللحظة الأخيرة، أمام وحش تحريك الملفات، ولم تحمل مداخلته التي تابعناها أي جديد إذا ما استثنينا تأكيده على “أن مسألة تشكيل حكومة موحدة يتفق عليها الفاعلون باتت أمرا ضروريا لقيادة البلاد إلى الانتخابات”.

الثابت والمؤكد في الأزمة الليبية أن جميع من في المشهد يعملون على نسف أي مشروع يقود إلى الانتخابات، كما يُطالب الشعب الليبي، لأنهم جميعا لا يمتلكون أي مشروع وطني عنوانه ليبيا قد يشجع الليبيين على انتخاب أي أحد منهم. وبالتالي سيظل وحش تحريك الملفات بنفس الوجوه سيد الموقف ما لم يحطم الليبيات والليبيون جدران الصمت.

شاهد أيضاً

الخلع … بين الشريعة والقانون الليبي

 بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون ​ بعد الهجرة المحمدية وانتشار الإسلام حاول رسولنا …