بقلم /مفتاح قناو
تعتبر مشكلة توزيع الثروة بين الليبيين من أهم واعقد المشاكل التي تواجه حل الأزمة في ليبيا، برغم عدم اعتراف كثير من الأطراف التي تدعي أنها تعمل على حل الأزمات الليبية المستمرة، ومن مظاهر انعدام توزيع الثروة، التفاوت الواضح في قيمة الرواتب بين من يصل مرتبه الشهري إلى 20.000 ألف دينار، في مقابل مواطن مطحون مرتبه لا يتجاوز 1000 دينار، مع النهب المستمر للأموال العامة من طرف كبار موظفي الدولة الذين كونوا ثروات بسبب وظائفهم، كذلك من هذه المظاهر أيضا انعدام التكافؤ في الحصول على الفرص بين أبناء الشعب الواحد، والشعور بالتهميش في عدد من مناطق البلاد.
وقد حاول النظام السابق أن يخطو خطوات في هذا الاتجاه، بأن وعد عديد المرات بأن يقوم بتوزيع جزء من إنتاج النفط في شكل مساعدات للطبقات الفقيرة، ومنها الإعلان عن توزيع مبلغ 10.000 عشرة ألاف دينار على المستحقين، وهو المشروع الذي لم يلاق النجاح في حينه، لكن في السنوات الأخيرة من عمره بدأ النظام السابق في تنفيذ برنامج مناسب لتوزيع الثروة حيث أنشاء جهازا يسمى صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لتوزيع (محافظ استثمارية) على الأشخاص العاطلين عن العمل، وعلى أصحاب المرتبات الضعيفة، وكانت القيمة الاسمية للمحفظة هي 30.000 ثلاثون ألف دينار ليبي، وهي عبارة عن أسهم في عدد من الشركات الليبية في الداخل والخارج، وكلف الصندوق بإدارة هذه المحافظ، الذي وضع برنامج يتضمن استلام صاحب المحفظة توزيعات مالية ثابتة في البداية بقيمة 500 دينار شهريا إلى حين إجراء مخالصة نهائية لمعرفة مستحقات صاحب المحفظة لدى صندوق الإنماء، لكن الصندوق توقف على دفع هذه الأموال المستحقة لأصحابها مع بداية الانقسام وحرب فجر ليبيا، ثم زاد الموضوع تعقيدا بصدور القانون رقم 25 لسنة 2013م من المؤتمر الوطني العام الذي قرر تجميد مشروع المحافظ الاستثمارية، وتوقف صرف التوزيعات النقدية على ملاك المحافظ، لكن البرلمان وفي إطار مشروع المناكفات بينه وبين المؤتمر الوطني العام اصدر القانون رقم 7 لسنة 2022م بإلغاء القانون المذكور وإعادة الأمور إلى طبيعتها السابقة.
في تقييم الموقف الحالي يمكننا أن نقول بأن صندوق الإنماء يقف عاجزا عن دفع أموال ملاك المحافظ الاستثمارية، وقد أصبح مدين لهم بمبالغ مالية كبيرة، بينما يحاول ملاك المحافظ خلق حالة من الضغط الاجتماعي على الحكومة والصندوق لدفع مستحقاتهم المتراكمة لدى صندوق الإنماء.
فكرة صندوق الإنماء والمحافظ الاستثمارية مناسبة جدا لبرنامج توزيع جزء من الثروة على أفراد المجتمع من ضعاف الحال، والمطلوب من الحكومة حاليا هو تشكيل لجنة من خبراء المال والاقتصاد لإعادة تقييم هذه المحافظ التي لابد أن تكون قيمتها قد زادت مع تغير سعر صرف الدينار الليبي وارتفاع أسعار العملات الأجنبية والمستوى العام للمعيشة، والغرض هنا هو معرفة قيمتها الحقيقية اليوم لكي يمكن العمل على تحديد قيمتها السوقية وبالتالي قيمة الأرباح التي ستحققها في سوق المال والأعمال.