منصة الصباح

المبادرة‭ ‬الثقافية‭ ‬

نقطة‭ ‬بيضاء

بقلم /د‭. ‬أبولقاسم‭ ‬صميدة

قد‭ ‬تنجح‭ ‬الثقافة‭ ‬او‭ ‬الرياضه‭ ‬حيث‭ ‬تفشل‭ ‬السياسة‭ ‬والسلاح‭ ‬،‭ ‬فتجربة‭ ‬الرياضه‭ ‬بين‭ ‬امريكا‭ ‬والصين‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬،‭ ‬ففى‭ ‬قمة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬سابقا‭ ‬وحليفته‭ ‬وقتذاك‭ ‬الصين‭ ‬الماويه‭ ‬وفى‭ ‬بداية‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضى‭ ‬كان‭ ‬رياضى‭ ‬امريكى‭ ‬مشارك‭ ‬فى‭ ‬بطولة‭ ‬العالم‭ ‬للعبة‭ ‬تنس‭ ‬الطاولة‭ ‬فى‭ ‬طوكيو‭ ‬باليابان‭ ‬قد‭ ‬تأخر‭ ‬عن‭ ‬حافلة‭ ‬المنتخب‭ ‬الامريكى‭ ‬فقام‭ ‬بركوب‭ ‬الحافلة‭ ‬التى‭ ‬تلتها‭ ‬وكانت‭ ‬مخصصه‭ ‬للفريق‭ ‬الصينى‭ ‬عدو‭ ‬امريكا‭ ‬،‭ ‬وهناك‭ ‬تبادل‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬رياضى‭ ‬صينى‭ ‬وتبادلا‭ ‬القبعات‭ ‬وشعارات‭ ‬الفريقين‭ ‬،‭ ‬وتم‭ ‬التقاط‭ ‬صورة‭ ‬للرياضى‭ ‬الامريكى‭ ‬والصينيين‭ ‬وانتشرت‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬وانتهى‭ ‬الامر‭ ‬بفتح‭ ‬باب‭ ‬واسع‭ ‬لعلاقات‭ ‬امريكية‭ ‬صينية‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬ماو‭ ‬قال‭ ‬للرياضى‭ ‬الصينى‭ ‬؛‭ ‬انت‭ ‬افضل‭ ‬سفير‭ ‬للصين‭ ‬،‭ ‬وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬فالرياضة‭ ‬والفنون‭ ‬والثقافة‭ ‬قوة‭ ‬ناعمه‭ ‬وتنجح‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاحوال‭ ‬فى‭ ‬مساعدة‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬تخطى‭ ‬أزماتها‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬احوجنا‭ ‬فى‭ ‬ليبيا‭ ‬الجريحة‭ ‬الى‭ ‬رياضيين‭ ‬ومثقفين‭ ‬وكتاب‭ ‬وفنانين‭ ‬لمساعدة‭ ‬بلدهم‭ ‬وتوصيل‭ ‬معاناة‭ ‬الليبيين‭ ‬الى‭ ‬المحافل‭ ‬الدوليه‭ ‬والدول‭ ‬الفاعلة‭ ‬وكشف‭ ‬الحقيقة‭ ‬للأفراد‭ ‬وللمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الضاغطه‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدنى‭ ‬التى‭ ‬اصبح‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬،‭ ‬ولعله‭ ‬من‭ ‬الامنيات‭ ‬الطيبة‭ ‬ان‭ ‬تقوم‭ ‬مبادرات‭ ‬ثقافية‭ ‬او‭ ‬فنية‭ ‬او‭ ‬رياضية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬السلام‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا‭ ‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬تتجاوز‭ ‬المناطق‭ ‬والمدن‭ ‬والاقاليم‭ ‬والحدود‭ ‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬نستند‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬ارث‭ ‬ثقافى‭ ‬مشترك‭ ‬ولغة‭ ‬واحده‭ ‬ودين‭ ‬واحد‭ ‬ووطن‭ ‬واحد‭ ‬وأخوّة‭ ‬وتسامح‭ ‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬تسمح‭ ‬لنا‭ ‬بالتباين‭ ‬الرؤيوى‭ ‬والاختلاف‭ ‬السياسي‭ ‬دون‭ ‬قطيعة‭ ‬او‭ ‬تصفية‭ ‬حسابات‭ ‬او‭ ‬تخوين‭ ‬وعزل‭ ‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬راقية‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نسىء‭ ‬الى‭ ‬بعض‭ ‬او‭ ‬نٌفسد‭ ‬الاخوة‭ ‬وروابط‭ ‬الدم‭ ‬وروح‭ ‬الوطن‭ ‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬لغة‭ ‬الكراهية‭ ‬والاحقاد‭ ‬والمكاسب‭ ‬والإقصاء‭ ‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬لا‭ ‬تٌعمم‭ ‬الاوصاف‭ ‬السيئة‭ ‬على‭ ‬شعب‭ ‬بكامله‭ ‬او‭ ‬مدينة‭ ‬او‭ ‬قبيلة‭ ‬او‭ ‬اقليم‭ ‬،‭ ‬اننا‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬الحوار‭ ‬والنقاش‭ ‬وحل‭ ‬المشاكل‭ ‬بيننا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التدخلات‭ ‬الأجنبية‭ ‬،‭ ‬فالمثل‭ ‬يقول‭ ‬؛‭ ‬انا‭ ‬واخى‭ ‬على‭ ‬ابن‭ ‬عمى‭ ‬وانا‭ ‬واخى‭ ‬وابن‭ ‬عمى‭ ‬على‭ ‬الغريب‭ ‬،‭ ‬ولهذا‭ ‬يبدو‭ ‬ملحا‭ ‬وجود‭ ‬او‭ ‬قيام‭ ‬تجمع‭ ‬او‭ ‬ملتقى‭ ‬لكتاب‭ ‬وادباء‭ ‬ومثقفى‭ ‬ورياضيى‭ ‬وفنانى‭ ‬الوطن‭ ‬،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لتفعيل‭ ‬دور‭ ‬الصحفيين‭ ‬والكتاب‭ ‬والفنانين‭ ‬والرياضيين‭ ‬فلربما‭ ‬ما‭ ‬تعجز‭ ‬عنه‭ ‬السياسة‭ ‬تٌفلح‭ ‬فيه‭ ‬الثقافة‭ ‬والرياضة‭ ‬،‭ ‬فلا‭ ‬للقطيعة‭ ‬الثقافية‭ ‬والجمود‭ ‬والغياب‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬المبررات‭ ‬والعوائق‭ ‬،‭ ‬ونعم‭ ‬للتواصل‭ ‬الثقافى‭ ‬والحضور‭ ‬الاجتماعىى‭ ‬والرياضى‭ ‬بين‭ ‬ابناء‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد‭ ‬وحتى‭ ‬بين‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬يقول‭ ‬بريخت‭ : ‬تعيس‭ ‬ذلك‭ ‬الوطن‭ ‬الذى‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬بطل‭ ‬،‭ ‬ونٌكمل‭ ‬العبارة‭ ‬بكلمات‭ ‬؛‭ ‬وسعيد‭ ‬ذلك‭ ‬الوطن‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬احد‭ ‬فيه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬البطولة‭ ‬فالبطل‭ ‬هو‭ ‬الوطن‭

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …