منصة الصباح
علي الدلالي
علي الدلالي

عود على بدء: إسرائيل الكبرى

بالحبر السري
بقلم: علي الدلالي

عاد الكيان الإسرائيلي إلى سيرته —الأولى التي تبناها قادة بني صهيون منذ وعد بلفور عام 1902 وحتى عام 1948 تاريخ إعلان الدولة العبرية، القائمة على تشكيل عصابات إرهابية مسلحة على غرار هاشومير، الهاغانا، أرغون، شتيرن، لإبادة الفلسطينيين وتهجيرهم قسرا وبشتى وسائل القمع والإرهاب لإقامة ما يُعرف بـ “إسرائيل الكبرى”.
لم تتخل الحركة الصهيونية التي تُمسك بخيوط القرار الصهيوني إلى اليوم عن فكرة إقامة “إسرائيل الكبرى” على الإطلاق، والخريطة المرسومة على الأغورة الإسرائيلية دليل واضح وصريح على ذلك، إلى جانب زرع الضفة الغربية بالمستعمرات والانسحاب من طرف واحد من قطاع غزة عام 2005 وفرض حصار خانق عليه والحكم على سكانه بالموت البطيء، وخوض سبع حروب عليه منها خمس حروب خاضها الإرهابي ناتنياهو، ونسف مخرجات أوسلو ومدريد.
عود على بدء، يقوم الإرهابي المتطرف ايتمار بن غفير المولود لأبوين من أصول عراقية كردية منذ وصوله إلى الحكومة المتطرفة برئاسة بنيامين ناتنياهو باستكمال برنامج تسليح المستعمرين الصهاينة في الضفة الغربية مستغلا الحرب الوحشية على قطاع غزة حيث وصل عدد المسلحين اليوم إلى حوالي 400 ألف بحسب بعض التقارير من مجموع 750 ألف مستعمر في الضفة والقدس، في استنساخ لتلك العصابات الإرهابية التي شكلت فيما بعد نواة جيش الاحتلال، بعد أن نفذت عشرات المجازر ضد الفلسطينيين وهجرتهم من بيوتهم وأرضهم بالقوة.
يقوم هؤلاء المسلحون الإرهابيون المتطرفون الذين يتم تسليحهم اليوم في الشوارع بحضور الإرهابي بن غفير بقتل الفلسطينيين في الضفة بدم بارد وتدمير ممتلكاتهم في إطار برنامج قديم جديد لإفراغ الضفة من سكانها الفلسطينيين بعد خنقها بالمستعمرات، في الوقت الذي ترمي فيه طائرات الاحتلال، أمريكية الصنع، الموت على القطاع وتقصف مع الدبابات والمدفعية والمسيرات البيوت وتهدمها على رؤوس ساكنيها، وتدمر مؤسسات القطاع ومدارسه ومشافيه ومساجده وكنائسه، وتحوله إلى ركام غير قابل للحياة، في حرب تصفية عرقية لم يعرف العالم مثيلا لها حتى في الحربين العالميتين، الأولى والثانية.
تدعم الولايات المتحدة الأمريكية التي تشكل رأس الحربة في هذه الحرب الوحشية برنامج التصفية العرقية للفلسطينيين بإرسال قوات (دلتا) على الأرض وبحاملات الطائرات والقوة الضاربة في البحرية الأمريكية والسلاح والمال وتوفر له الغطاء السياسي والدبلوماسي، رغم أنها تروج من خلال وسائل الإعلام معارضتها لتهجير الفلسطينيين.
على الرغم من الفارق الكبير في عدد الضحايا وحجم الدمار بين الضفة والقطاع إلا أن استراتيجية الاحتلال الإسرائيلي واحدة وكذلك أهدافه المتمثلة في قتل الفلسطينيين أينما وجدوا فوق أرضهم ودفعهم للهجرة ليس إلى سيناء أو الأردن كما يتردد في الأوساط الصهيونية بل إلى قارات أخرى وراء المحيطات بعيدا جدا عن أرض فلسطين التاريخية.
شنت قوات الاحتلال 10 آلاف غارة حتى الآن على قطاع غزة، المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، صبت خلالها الطائرات الحربية أكثر من 50 ألف طن من القنابل الأمريكية منها، 5000 قنبلة طراز Mk82، 5400 قنبلة طراز Mk84، 1000 قنبلة طراز GBU-39، 3000 قنبلة، طراز JDAM، 100 قنبلة BLU-109، بحسب مصادر صحفية أمريكية موثوقة، على الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس والأسواق والمخابز وكل شيء ينبض بالحياة، ومع ذلك تخرج وزارة الخارجية الأمريكية، ببيان، مساء الإثنين الماضي، لتضليل الرأي العام الدولي مجددا قائلة “إنها لم تر أي دليل على أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا”، في صورة فجة من صور الفجور السياسي والكذب الذي لم يقم به حتى وزير الدعاية للرايخ، وأحد أقرب شركاء الزعيم النازي أدولف هيتلر، بول يوزف غوبلز.
ماذا تريد الخارجية الأمريكية ومستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان ومن خلفهما الرئيس الأمريكي، صهيوني الانتماء والعقيدة، جو بايدن، أكثر من 16 ألف شهيد حتى الآن في صفوف المدنيين 70 في المائة منهم من الأطفال والنساء، وإجبار 1.9 مليون من مجموع 2.4 مليون من الغزاويين على النزوح، أي 80 في المائة من سكان القطاع، وماذا بعد الأحزمة النارية التي تدمر وتحرق البيوت لإجبار من يبقى حيا من السكان على النزوح، وقصف المستشفيات وتخريبها وتحويل ساحاتها ومواقف السيارات الملحقة بها إلى مدافن لجرحاها الذين عجزت الأطقم الطبية عن علاجهم جراء القصف وانعدام الدواء، وكذلك لآلاف المواطنين الذين لجأوا إليها اعتقادا منهم أنهم سيكونون في مأمن من قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية، ومنع الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود على سكان القطاع الذي أضحى ركاما، وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية موثقة، حتى يقتنعوا بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المدنيين بلا هوادة، ويعترفوا بأنهم شركاء في المشروع الصهيوني لإبادة الفلسطينيين وإقامة “إسرائيل الكبرى” على حساب الدم الفلسطيني، وسط محيط عربي مهزوم وعالم متخاذل.

شاهد أيضاً

ماذا ينتظر ستيفاني خوري في مهمتها؟

أحلام محمد الكميشي ملتحقًا بزميليه “يان كوبيش” و”غسان سلامة” استقال المبعوث الأممي التاسع “عبد الله …