خيالة ..
كتب / خالد الجربوعي
في سبعينيات القرن الماضي تحولت ليبيا إلى مسرح مفتوح ومدينة سينمائية بامتياز عندما تم تصوير جزء من الفيلم التاريخي الرسالة والفيلم النضالي التاريخي “عمر المختار” حيث نقلت في تلك الفترة ومن أجل تصوير هذين الفلمين كل الإمكانيات والمعدات والأجهزة المختلفة من هوليود إلى ليبيا لتتحول بها إلى مدينة سينمائية تحتوي كل ما تطلبه صناعة السينما حينها من متطلبات، حتى أصبحت الصحراء الليبية وعديد الأماكن الأخرى جبالا وسهولا ومدنا مكانا ولا هوليود تقريبا.
مع حضور نجوم السينما العالمية والعربية وصانعيها المشاركين في تلك الأعمال السينمائية الكبيرة، والتي مازالت لها مكانتها حتى اليوم وتوفرت على الأرض كل متطلبات صناعة السينما وإنتاجها بأحدث معداتها في تلك الأيام، وهو ما كان يمكن أن يشكل بداية لتكوين أرضية جاهزة لصناعة السينما العالمية بشكل دائم، وتتحول ليبيا إلى مكان يحتضن تصوير وإنتاج الكثير من الأعمال السينمائية الكبرى، خاصة لما تحتويها من أماكن ومواقع تشمل كل ما يمكن أن تحتاجه صناعة السينما من مساحة شاسعة تشمل كل أنواع الجغرافية والمناخ والأماكن الطبيعية المتنوعة من صحراء شاسعة إلى جبال متنوعة ومدن تاريخية مختلفة الأشكال والعصور، وبحر لا ينتهي بشواطئه الطويلة المتنوعة إلى آخر الإمكانيات التي لو استغلت في ذلك الوقت ووجدت من يبحث عن استثمارها لحققت الكثير من الاستفادة في أكثر من مجال، بداية من السينما إلى السياحة إلى الاستثمار والاقتصاد وغيرها مما يمكن أن تفتحه من أبواب للعنصر الوطني للاستفادة العملية والاستثمار المالي في كثير من المجالات التي تكون مصاحبة لمثل هذا الإنتاج العالمي للسينما، وأصبحت ليبيا قبلة المنتحي وصناعة الأفلام في العالم لكن الوضع السياسي والتوجهات عامة التي حكمت البلاد حينها بدعوة رفض كل ما هو غربي رفض مثل هذا الأمر ورفض معه الإبداع العالمي وكانت له الكلمة الأولى في عدم استغلال تلك الفرصة التي لا يمكن أن تتكرر إضافة إلى عدم وجود رؤية لمن لهم علاقة بهذا الفن وكل أنواع الثقافة في بلادنا حينها فذهبت كل تلك الامكانيات ومعها الفرصة وعادت من حيث أتت دون رجعة لتجد عدد من الدول العربية الأخرى الفرصة التي اقتنصتها وحولت أرضيها الى مدن سينمائية عالمية يتوجه اليها صناع السينما لإنتاج أفلامها الكبرى وتصويرها هناك.
طبعا قد نجد من يقول إن الأمر قد يتحول إلى إنتاج أفلام لا تتمشى مع عادات وثقافة البلد حينها، لكن هذا الأمر مردود عليه، لأنه كان يمكن اختيار ما يمكن تصويره ويرفض غيره، وإن كنا سنعمل بهذه النظرية فحينها لا يجب أن نطالب بتحويل بلادنا إلى دولة سياحية ووجهة للآخرين لأن ما قد يفعلونه بداخلها بالتأكيد سيكون فيه
ما يتعارض مع ثقافة البلاد وعاداتها إن لم يكن تحت متابعة وتحديد الأمر رغم إن الكثير منه كان يحدث ولا أحد يتكلم عنه من قبل الأفواج السياحية التي كانت تدخل البلاد وإن بإعداد ليست كبيرة، ولكن التوجه نحو السياحة وفتح كل الأبواب لها موجود ماضيا وحاليا، هو ما ينفي مثل هذا الخوف.
وختاما لقد ضاعت فرصة تاريخية كانت يمكن أن تحقق نقلة نوعية في مجال الفن والإبداع في بلادنا منذ ذلك الحين لو وجدت الاهتمام والرعاية وعدم التدخل السياسي في الأمر حينها لكن أتت الرياح بما لا يشتهي الفن حينها.