منصة الصباح

الصيرورة التاريخية

افتتاحية صحيفة الصباح

 

تمر اليوم الذكرى الأولي بعد العاشرة لثورة السابع من فبراير التي حركت الراكد الليبي في تحول كبير من مسيرة هذا الشعب.

أن الثورات ليست مجرد حدث سياسي، تتغير فيه منظومة الحكم، وأدوات السلطة، حيث تنقلب الثورة من مغرم إلى مغنم.

ان البذور الثورة سوف تنبت كمنظومة قيمية جديدة، حتى ولو تاخرت عملية انباتها قرنا بحاله.

لقد تحولت الثورة في فرنسا إلى حالة ضد الثورة، وبعد عشرة اعوام من العنف والإرهاب الذي طال الثوار انفسهم، قفز ضابط اسمه نابليون، ليعيد البلاد إلى المربع صفر.

ان اجيالا من الفرنسيين عاصروا سقوط الباستيل، وموت لويس السادس عشر، ولكنهم ماتوا على حلم رؤية ثمارها.

أن الجمهورية، ومبادىء حقوق الإنسان، والديمقراطية هي انتاج الثورة الفرنسية، حتى ولو كانت هناك الكثير من التفاصيل المؤلمة، والموجعة.

إن الاشتراكية، والعدالة الاجتماعية، هي نتاج للثورة البلشفية في روسيا، حتى ولو عجزت الثورة البلشفية نفسها على تحقيقها، وتحولت ألدولة إلى رأسمال جشع، وبشع، يقتل الناس ويسكت تطلعاتهم.

أن ما حدث هو حالة من الصيرورة التاريخية، تعكس تطور العقل الإنساني، وقدرته على ابتكار الأفضل.

إن الثورات المعاصرة ليست من أجل إختراع عالم جديد، بل للتطبيع مع هذا العصر، والتصالح مع منظومته القيمية، من حريات، وديمقراطية، وقيم مواطنة، وحقوق إنسان، وعدالة إجتماعية.

إن نجاح الثورات مثل الانتصار في الحروب، فالمقياس هو جودة الحياة بشتى مظاهرها، السياسية، والاقتصادية والاجتماعية.

فالثورة هي اسرع قطار لإلغاء المسافة بين الواقع القاسي، والحلم الكبير، مهما كان الطريق طويلا، ومهما كان متعرجًا.

ولهذا لابد من الاتجاه إلى خطاب الأمل، ونبذ خطاب التشفي الذي لم ينتج لنا خلال الأكثر من عشرة سنوات الماضية، إلا الضغينة والأحقاد.

ليكون املنا كبير في الله أولًا، وفي قدرتنا على البناء، واعادة صياغة الحياة.

وحفظ الله ليبيا.

الصباح

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …