بوضوح
بقلم / عبدالرزاق الداهش
في أمريكا ارتفع الإنفاق الحكومي نسبة تقل عن العشرة بالمئة من الناتج القومي الاجمالي في بداية القرن الماضي، إلى ما يلامس الخمسين بالمئة مع بداية هذا القرن.
وفي بريطانيا لم يتخط الإنفاق الحكومي 13 بالمئة من الناتج الإجمالي القومي مع بداية القرن الماضي ليقترب من الخمسين بداية هذا القرن.
وفي أكثر من عشر دول متقدمة تضاعف معدل الإنفاق الحكومي، ثلاث مرات من الناتج القومي الاجمالي.
لماذا تستدعي ذاكرتنا مثل هذه المعدلات في الإنفاق الحكومي والإجابة لأن حقوق الإنسان توسعت أكثر.
ودخل القاموس الغربي مفردات من نوع الحق في الحصول على التعليم الجيد، والحق في توفير الرعاية الصحية ذات الجودة، والحق في المعرفة، والنفاذ للمعلوم، والحق في تأمين دخل يستجيب للحد الأدنى من الشروط الإنسانية.
فقد انتقل العالم إلى الدولة الرفاهية، أي ما بعد الدولة المدنية.
طبعا هناك التباس في مفهوم الدولة المدنية لدى قطاع واسع من الناس، على أساس أنها ضد الدولة العسكرية، وفقط.
ولعل هذا المفهوم الملتبس يعود إلى تمييز سائد، ونمطى بين ما هو عسكري، وما هو مدني، خلال عقود سابقة.
وكاتلوج الدولة المدنية الذي ظهر منذ أكثر من ثلاثة قرون ضد الدولة الثيوقراطية، ليس نفس کراسة مواصفات الدولة المدنية منذ أقل من قرن، ضد دولة الاستبداد.
المعنى أن الدولة المدنية أشمل من كونها، ضد دولة أصحاب العمائم، أو دولة أصحاب الخوذات.
فهي أي الدولة المدنية ليست الديمقراطية فقط، أو التنوع، والتعددية فقط، أو القانون والمواطنة فقط بل هي جميعهم.
العالم المتقدم لا يبحث عن دولة مدنية تكرست، بل على تطوير دولة الرفاهية التي تترسخ.