منصة الصباح

الحياة هي الآخرون

نقطة نظام 2

بقلم /فوزي البشتي
بعد “ماركيز ” وخوسيه سيلا” كان “اوكتافيو بات” ثالث ادباء اللغة الاسبانية الذين حصلوا على جائزة نوبل للآداب لتكون الاسبانية ثالث اللغات “النوبلية ” بعد الانجليزية والفرنسية .
كالعادة ظهر هناك من يلقي اللوم على الاكاديمية الملكية السويدية لأنها منحت جائزة عام 1990لأسباب لا تخلو من دوافع سياسية ، على الرغم من أن أحد لم ينكر على ” اوكتافيو بات ” جدارته ، فأن معارض ديكتاتورية الجزب الحاكم في المكسيك يقولون أن مواقف “بات ” المحافظة جعلته واحداً من أبرز انصار ومؤيدي الديكتاتورية المكسيكية.
” اوكتافيو بات ” المستقل اكتفى بالصمت وكان ذلك كافيا للإشارة إلى أن مهاجميه ينهلون من مناهل حزبية تسعى لإقامة ديكتاتورية أخرى .
هذا هو بالتحديد ماكان اوكتافيو بات يقوله في كل مكان ، أ التاريخ محمل بالخيالات والموارد حمولة لا تملكها الفلسفات التي تدعي أسره في سجونها الديالكتية ، أن كل قيادة سياسية حزبية تميل بصورة محتومة إلى الفساد كما أن كل عصابة حزبية تتحول في سهولة إلى بيروقراطية عنجهية ومغلقة ، ويقول “هؤلاء المثقفون لم يعبروا العقل او التقدم او الحرية ” ،كما كان الأمر في مراحل أخرى ، لكنهم عبروا ثور العنف الايديولوجي ، وهو ثور مضمخ بالدم يحمل بين قرنيه أحشاء ضحاياه كأنها أكاليل زهر .
لقد تحول عدد كبير من الكتَاب الخائفين او المنبهرين بالزمر الايديولوجية وبخطابات العنف إلى خدم لدى مقدمي الذبائح والقرابين الجدد وبعضهم ممن لم يعجبهم هذا الارتداد اعتلى المنابر العامة ليطالب بمعاقبة زملائه المستقلين حتى أننا رأينا بعض الذين أستبد بهم كره الذات كيف راحوا يطالبون بمعاقبة أنفسهم ، من هنا يصبح النقد في بلداننا ضرورة ملحة ، والنقد مهما كان نوعه ، أدبيا ، فلسفيا ، خلفيا أو سياسيا ، ليس في النهاية سوى نوع من النظافة الاجتماعية ، أنه دفاعنا الوحيد ضد مونولوج التسلط وصياح الزمر ، النقد هو كلمة العقل وهذه الكلمة مزدوجة بطبيعتها لأنها تتطلب دائما مستمعا يكون هو نفسه محادثا ، صحيح أن النقد لا يستطيع وحده أن ينتج أدبا او فنا او حتى سياسة ، لكنه لا يستطيع وحده أن يخلق فضاء الفيزيائي والاجتماعي والخلقي حيث ينتشر الفن والأدب والسياسة .
أن الاسهام في خلق هذا الفضاء هو اليوم واجب كتابنا الأول لا توجد لدينا هناك آنا ، نحن دائما الآخرون ، الحياة هي الآخرون المختلفون .

شاهد أيضاً

فئة الخمسين… وحال المساكين

باختصار بقلم د. علي عاشور قبل أيام انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صور لقرار خازن …