التعليم الطبي والخدمات الصحية
الدكتور علي المبروك أبوقرين..
في أوائل العصور الوسطى لم يكن الاطباء المستقبليون طلابًا بل كانوا متدربين تدربوا على الأخلاط والاذهان والأعشاب والمهارات الجراحية على يد اقرأنهم الاكبر سنًا والأكثر خبرة والذين كانوا من الشخصيات القوية والمحترمة والموثوقة
وبعد التراجم للكتب اليونانية والعربية لان الطب العربي كان متقدم ومتفوق انذاك وكانت نقطة الضعف الوحيدة هي انفصال الجراحة والتشريح بعد الوفاة لاثبات ما جاء به جالينيوس وتصحيحه علميًا وعزز نشر النصوص والرسومات المطبوعة ولادة الآراء الفردية وكل هذا اعد للثورة البيولوجية الاولى في القرنين السادس عشر والسابع عشر ، وكان القرن التاسع عشر هو العصر التنويري وكانت الاساليب التجريبية والتخصص محورية للثورة البيولوجية التانية والطب الحديث
وعلى مر التاريخ تطور مفهوم التعلم من فكرة فلسفية الى موضوع بحثي واسع
وان التغييرات الشاملة التي بدأت في الألفية شكلت ثورة في التعليم الطبي وتغير التعليم الطبي وسوف يستمر في التغير استجابة للتقدم العلمي والاحتياجات الاجتماعية ، ومالم يكن هناك مزيد من التعديل واستخدام نظريات التعلم السلوكية والادراكية والتجريبية والإنسانية والتحويلية والاجتماعية فإن المناهج المتكاملة الجديدة معرضة لخطر انتاج خريجين يعانون من نقص في الخصائص التي تميز الأطباء عن غيرهم من خلال الخبرة السريرية رفيعة المستوى القائمة على أسس عميقة في العلوم الطبية الحيوية وفهم الاساس المرضي للمرض ومع هذا انتج نظام التعليم الطبي التقليدي الذي تم تبنيه على نطاق واسع طوال معظم القرن العشرين أجيالًا من الأطباء ذوي الأسس العلمية والمهرة سريريًا الذين خدموا الطب والمجتمع بشكل جيد .
ان المناهج الدراسية التقليدية القائمة على الموضوع والمحاضرات فشلت في تحقيق النتائج المرجوة لتخريج أطباء القرن الواحد والعشرين ويرى العديد من الخبراء ضرورة إلغاء الأجزاء الرئيسية من المناهج التقليدية لافساح المجال للدروس العملية التي تهدف لتطوير المهارات في التفكير السريري الحديث وصنع القرار بكسر الحواجز بين العلوم الأساسية والسريرية ، وتعزيز الاحتفاظ بالمعرفة ، واكتساب المهارات من خلال التطوير المستمر والتدريجي للمفاهيم وتطبيقاتها ، وضرورة تبني حركة إصلاح بتبني مناهج دراسية متكاملة لتعزيز التعليم الأكثر نشاطا وايجابية ، وإعتماد أساليب مختلفة ومنها جلسات المجموعات الصغيرة ، والتعليم القائم على حل المشاكل ، والتعليم الموجه ذاتيًا ، والتعليم القائم على الفريق ، والفصول الدراسية المعكوسة ، مع ضرورة تزامن إصلاح المحتوى مع الإصلاح التربوي لتطوير المهارات المطلوبة في ممارس الطب المستقبلي بالقدرات على تقديم خطة رعاية فردية تعكس إتقان الطبيب لعلم وظائف الاعضاء الاساسي ، والوعي بأفضل الادلة ، ومهارة التواصل
مع المريض ، وصنع القرار المشترك ، والمعرفة التامة بعلوم النظم الصحية ومنها صحة السكان والسياسة الصحية ، وانظمة تقديم الرعاية الصحية متعددة التخصصات والاختصاصات ، واستبدال النموذج الطبي الحيوي للصحة والمرض بنموذج بيولوجي إجتماعي اوسع للصحة والمرض ، والعلاقة بين المريض والطبيب والمنظومة الصحية ، وبناء النظم الصحية وادارتها بالتوازي مع العلوم الطبية الأساسية والسريرية ، وبذلك تتحقق الاهداف الرئيسية للمناهج الدراسية الجديدة في تطوير أطباء شاملين يتمتعون بالاخلاقيات المهنية ، ومهارات الاتصال متشبعة بالتعاطف مع المرضى لأنها جزءً لايتجزا من المثل العليا لمهنة الطب المتأصلة في مدونة أخلاقياتها
يتبع…