أصوات احتجاجية عالية يرفعها الموظفون بالدولة الليبية من آن لآخر عبر وسائل الإعلام المختلفة تطالب بإذابة تجميد ترقياتهم وعلاواتهم الوظيفية طوال سنوات عملهم الطويلة.. ولا جواب!
الموظفون يؤكدون أن إنتاجيتهم العملية وولاءهم الوظيفي قد تأثر بالظلم الواقع عليهم نتيجة تجميد الترقيات بلا مبررات مقنعة!
فالحديث عن موضوع الترقيات الوظيفية، يطول ويصعب الإلمام به من جميع الجوانب، وخاصةً فيما يتعلق بالمستضعفين من الموظفين، إلا أنني أجد من الضروري تسليط الضوء على هذه الظاهرة، وخاصةً بعد الانتقادات التي وجهت إلى الأجهزة الرقابية والمتمثلة في أنها تشغل نفسها في القضايا التي تتعلق في العادة بصغار الموظفين والذين ليس لهم نصير أو ظهير، وتترك قضايا كبار الموظفين الذين يمثلون مراكز النفوذ متمتعين بالسلطة والسطوة .
استطلاع وتصوير / سعاد الفرجاني
لذا فنحن بحاجة في الوقت الراهن إلى وجود مساءلة حقيقية وفعلية للجهات الحكومية، ليس من قبل الأجهزة الرقابية فحسب، ولكن من المجتمع بكافة أطيافه وفئاته، مع نشر ثقافة الواجبات والحقوق، وما هو لك وما هو عليك، كما حان الوقت أيضاً لنفهم ماذا تعني أنظمة الرقابة الداخلية .
(الصباح) جمعت في هذا الاستطلاع بعضاً من هذه الأصوات
وللقانون كلمته .. بداية كان لنا لقاء مع المستشار القانوني السيد / صلاح بوزويلي العقوري : والذي عرف لنا الترقية الوظيفية ووجوبها من الناحية القانونية ….
ويعرف الترقية بأنها : يقصد بالترقية في إطار الوظيفة العامة أن يتولى الموظف درجة وظيفية اعلى من الدرجة التي يشغلها في السلم الإداري بحيث تتسع سلطاته واختصاصاته وتزايد مسؤولياته والترقية بهذا المعنى تنصرف إلى كل ما يطرأ على الموظف من تغيير في مركزه القانوني على نحو يجعله متقدما عن أقرانه ومميزا عنهم وللترقية أهمية خاصة بالنسبة للموظف فهي تؤدى إلى زيادة راتبه وتحسين وضعة الوظيفي ما يؤدى بالنتيجة إلى حسن سير المرفق العام.
ومن أهداف الترقية : يقول : إنها ترمى إلى تحقيق الأهداف التالية: أولا : ـ ملء الوظائف الشاغرة لتأمين استمرارية العمل وتحقيق الصالح العام.
ثانيا : تحفيز الموظفين على زيادة إنتاجهم وتحسين ادائهم ورفع مستواهم لان من شأن ذلك أن يفسح المجال أمامهم للترقية إلى وظائف عليا توفر لهم دخلا اكبر، ومركزا اجتماعيا يفوق مركزهم الحالي .
تالثا : المحافظة على الموظفين الأكفاء ذوى الخبرة الواسعة والعلم والتجربة ،وذلك بترقيتهم إلى وظائف اعلى وربطهم بالوظيفة برابط الاستمرارية والديمومة.
رابعاً : تتيح الترقية من وظيفة إلى وظيفة عليا فرصة جيدة أمام الموظف المرقى لمراقبة مرؤوسيه والإشراف على أعمالهم وتوجيههم، باعتبار انه قد سبق له ومارس هذه الاعمال وتحمل مسؤولياتها قبل الترقية، وهو بذلك اقدر من غيره على معرفة الخلل واكتشاف العيوب ومعالجتها.
ويوضح ابوزويلي : إن للترقية شروطاً ومنها اوجب المشرع الليبي في قانون علاقات العمل رقم 12 لسنة 2010م عدة شروط لإجراء الترقية في المواد (137 ـ 138) وهذه الشروط هي :ـ
لا تجوز ترقية موظف إلا إلى وظيفة شاغرة تلي الوظيفة التي كان يشغلها مباشرة في ملاك الوحدة الإدارية التابع لها وفى ذات المجموعة الوظيفية التي تندرج فيها وظيفته ويجب : –
ـ أن يكون قد امضى المدة المقررة كحد ادنى للترقية ولا يترتب على انقضاء الحد الأدنى اى التزام بالترقية وأن يكون مستوفيا للشروط اللازم توافرها لشغل الوظيفة المراد الترقية إليها كما تتم الترقية ممن له صلاحية إصدار قرار شغل الوظيفة المرقى إليها.
وأن يحصل الموظف على تقدير كفاءة (جيد جدا) فما فوق لآخر ثلاث سنوات. وفى المادة (141) من القانون رقم 12 لسنة 2010م .
والترقية رغم انها حق من الحقوق المقرر للموظف العام إلا أنها ليست حقا مكتسبا يستحق بشكل تلقائي بل إن الإدارة تتمتع بشأنها بسلطة تقديرية واسعة وقد جاء ذلك في حكم المحكمة العليا في الطعن الادارى رقم (120/ 49ق) ــ في جلسة ـ19 ـ 6 ـ 2005م حيث ذهبت إلى ((متى كان استحقاق الدرجة الوظيفية ليس مستمدا رأسا من القانون وإنما مما تمنحه جهة الإدارة بسلطة تقديرية فان المنازعة في استحقاقها تأخذ وصف دعوى إلغاء وليس دعوى تسوية ) ومن ضوابط الترقية: ـ يذكر أبو زويلي : أن نص المادة (101) من اللائحة التنفيذية يتبين أن رقم (595) لسنة 2010م لقانون علاقات العمل ورقم 10 لسنة 2010م انه المشرع لنظم الترقية على النحو التالي : ـ عند ترقية الموظفين يتعين التقيد بالضوابط الآتية: ـومنها ترقية الموظفين إلى الوظائف على مختلف مستوياتها متى توفرت الوظيفة الشاغرة و تكون الأسبقية للحاصلين على درجة ممتاز في السنتين الأخيرتين ثم الحاصلين على درجة ممتاز في إحداهما ودرجة جيد جدا في الأخرى، مع تقديم الحاصل على ممتاز في السنة الأخيرة، ثم الحاصل على درجة جيد جدا فيهن وفى جميع الأحوال تراعى الاقدمية عند التساوي في درجة الكفاءة.
كما نص المشرع في اللائحة التنفيذية رقم (595) لسنة 2010م لقانون علاقات العمل رقم 12 لسنة 2010م على المدة اللازمة للترقية في نص المادة (102 ) على النحو التالي : ـ من الدرجة الأولى إلى الدرجة العاشرة أربع سنوات و من الدرجة العاشرة إلى الدرجة الحادية عشرة خمس سنوات ومن الدرجة الحادية عشرة فما فوق غير محدد المدة .
ويستفاد من ذلك أن المشرع حرصا منه على تمكين الإدارة باختيار اكفأ الموظفين لتولى مهام الوظائف العليا وقد وضع ضوابط يتم بمقتضاها التعرف على الموظف الكفؤ للترقية لتلك الوظائف وأهمها هي الكفاءة والأقدمية.
ويشير السيد أبو زويلي : إلى أن أسباب توقف بعض الجهات عن ترقية الموظفين هو عدم اعتماد الملاك الوظيفي وهو الشرط الأول للترقية كذلك عدم اعتماد الميزانية العامة وذلك وفق نص المادة (22) من النظام المالي ، أما الرقم الوطني فلا علاقة له بالترقية ـ
وحول الجهات التي أصدرت ترقيات لموظفيها يبين : أن الجهات التي أصدرت قرارات ترقية للموظفين دون إحالة الإجراءات لوزارة المالية للتنفيذ يرجع ذلك لعدم اعتماد الميزانية العامة .
أماعن الجهات العامة التي أصدرت قرارات ترقية وتم العمل بها فهي تعمل علي ضمان حق الموظف وقد يكون هناك فائض في القيمة الإجمالية المخصصة لها في الباب الأول من المرتبات وتعاون المراقب المالي لضمان حقوق الموظفين.
وأخيرا يجب التنبيه إلي أن العلاوات السنوية يجب أن تمنح للموظفين والعاملين في كافة الجهات العامة وذلك بموجب ما نصت عليه المادة (34) من لائحة قانون العمل.
ضعف الكفاءات …
ومن جانبه يوضح مدير إدارة مفوضية المجتمع المدني بالهيئة العامة للثقافة / السيد جمال عدس : أن من حق الموظف الحصول على الدرجة الوظيفية في وقتها لكن مع الأسف يقول : إن إي موظف لديه علاوة او درجة من الضروري إن يبلغ قسم شؤون العاملين على الدرجة الوظيفية ومن المفترض أن تكون لكل وزارة أو هيئة منظومة خاصة بالترقيات والعلاوات أوتوماتيكيا ولكن بحث الموظف بنفسه عن حقوقه سببه ضعف الكفاءات في هذا المجال .
ويتحدث عن قرار ترقيته الذي صدر منذ بداية 2019 و إلي الوقت الحالي لم يتم إدراجه بالمنظومة ولم تصرف له بسبب تأخر اعتماد الميزانية حسب ماذكر الموظفين بالقسم المالي بالهيئة .
ويقول : من حق الموظف في الدولة الليبية أن يتحصل على علاواته وترقيته في وقتها حسب قانون علاقات العمل رقم 12لسنة 2010م .
المرتب والجمود …
ومن جهته افاد عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة الجميل الدكتور / احمد راجح :أن موضوع الترقيات يعد من المواضيع التي تلامس انشغالات الموظفين فيما يتعلق بانتظاراتهم المرجؤة ويقول : المؤسف حقا أن كل الترقيات والعلاوات أن لم اقل كافة المحفزات على العمل الوظيفي متوقفة تماما منذ زمن وتحديدا منذ عودتي من بلد الابتعاث في العام 2013 وربط مرتبي على درجتي العلمية الدكتوراه ولم أتقاض أي محفز بما في ذلك العلاوات السنوية ولم يتغير المرتب الذي لازمه الجمود منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا رغم المطالبات المتعددة الشفاهية منها والمكتوبة والبحث عن المسببات التي آلت بالأمور إلى ما هي عليه الآن فإن تأجيلها يعود إلى المنظومة المالية الرئيسة التي تتخذ من ضاحية جنزور غرب طرابلس مقرا لها على حد تعبيره ..
الرضا الوظيفي …
وذكرت / المهندسة بمركز الطاقة الذرية : وداد العباني : أن الترقيات متوقفة من عام 2015م وهناك من تمت ترقيتهم على الورق ولكن دون تسوية القيمة المالية أو الفروقات .
فالترقية تعتبر أحد أهم عوامل الرضا الوظيفي التي تدفع الموظف لأداء أفضل، حيث يمثل نظام الترقيات أحد محفزات الأداء في الوزارات والهيئات فليس الأجر هو ما يسعى إليه الموظف، وإنما تحقيق مكانة اجتماعية وأدبية أفضل في مجتمعه.
مشروعية الزيادة ..
قال / المستشار المالي بشركة مليتة للغاز السيد : أسامة ماهر
بداية أنا أتكلم من واقع وظيفتي في القطاع و تحديداً بشركة مليتة الأكبر نشاطا و رأس مال بين شركات القطاع مشيرا إلى أن الترقية تعطى في حالة الملاك الوظيفي شاغرا أما العلاوة السنوية فتعتمد على درجة الأداء الوظيفي السنوي من 12 شهراً إلى 18 شهراً كما أنني أتفق بمشروعية الزيادة منذ الترقية و لكن قد يكون هناك تعثر في إجراء التسوية المالية مثل أي إجراء روتيني آخر ولا علاقة بين إبلاغ وزارة المالية و صرف الفروقات وإجازة وزارة المالية للصرف يعتمد على الميزانية التقديرية المقترحة و اعتمادها
فائض الميزانية ..
وبين أحد موظفي جامعة المرقب السيد : محمد البربار بأنه ومنذ تاريخ 4/11/2000 يعمل بعقد وقد صدر له قرار تعيين بتاريخ 10/6/2002 على الدرجة السابعة واستمرت الدرجات الوظيفية حسب تسلسلها وبتاريخ 1/1/2015 صدر له قرار الدرجة العاشرة وتمت التسوية المالية ثم تفاجأ بصرف مرتبه على الدرجة التاسعة وعند مراجعته تبين أن جهة العمل لم تخاطب وزارة المالية منذ سنة 2015 بتغيير درجته وبإسنحقاقاته المالية وإنما كانت تصرف له من فائض الميزانية حسب قوله .
المماطلة والتسويف ..
أوضح رئيس قسم التحرير بقناة ليبيا الوطنية السيد حازم أبوراوي أن موضوع العلاوات والترقيات والفروقات المالية حق طبيعي وضروري للموظف إيا كانت درجته الوظيفية وبالتالي يوجد ظلم فادح عندما تتأخر هذه الحقوق وتتم المماطلة والتسويف بين الحين الزمني والمكاني مما يترتب عليه انخفاض وتلاشي النشاط الوظيفي وهو خطأ مشترك بين الجهة العامة والموظف من حيث أن الجهة العامة تعرف هذا الحق ولاتوفره لاعتبارات مالية ونظامية والروتين الإداري المتأخر الذي يتمدد داخل الجهاز الإداري للدولة بكافة القطاعات ، إضافة لوجود تناقض غريب بين الدرجات الوظيفية مع أن مصدر الدخل واحد وهو النفط وإيرادات بيع النفط والغاز وهو أمر ملح جدا يجب معالجته وتحسين المرتب وتفعيل التأمين الصحي وتوفير الدعم النقدي للموظف ويجب أن تدعمه الدولة مع أهمية تفعيل دور الأجهزة الرقابية والإدارية لضمان حسن الأداء الوظيفي وان يتم منح المزايا لمن يستحقها دون محاباة أو فوضى إدارية وعن نفسي يقول السيد حازم : أنا موظف بقناة ليبيا الوطنية منذ 2004 ودرجتي الوظيفية الحالية العاشرة وأتقاضى 740 ديناراً شهريا وهو للعلم مرتب الدرجة التاسعة وترقيتي متأخرة منذ عام ومن المفترض أن تكون درجتي الحالية الدرجة الحادية عشرة حيث تتم ترقيات الدرجات العليا التي مابعد العاشرة من المجلس الرئاسي ولحد الآن لا رد ولا توضيح وهو أمر يثير التساؤل ويتطلب التوضيح مع مراعاة ظروف البلاد الحالية التي نأمل أن تنتهي لنتجه نحو بناء دولة القانون والمؤسسات .
وختاما : فإن الجهة الإدارية إذا قررت اللجوء إلى أسلوب الترقية أو غيره في شغل وظائفها فينبغي أن تأخذ في الاعتبار حق جميع الموظفين الذين تتوفر لديهم شروط شغل الوظائف وعدم التفضيل بينهم إلا لسبب موضوعي واضح، وأن تبذل قصارى جهدها في دقة الاختيار بأن يتم شغل الوظائف بالأصلح والأفضل من بينهم ووفق مبادئ الجدارة والعدالة والمساواة …