منصة الصباح

كيف تم تعديل سعر الصرف خلال الفترة 1999- 2002 ؟

د. محمد أبو سنينة

فى عام 1998 قام مصرف ليبيا المركزى بتخفيض القيمة التعادلية للدينار الليبيي ، بحيت اصبح الدينار الليبي يعادل 1.517 وحدة حقوق سحب خاصة (حقوق السحب الخاصة (SDR) هى أصل احتياطي استحدثه صندوق النقد الدولي ليصبح مكملا للأصول الرسمية الخاصة بالدول الاعضاء فى الصندوق ، وتتحدد قيمته اعتماداً على سلة من العملات الدولية القابلة للتحويل ويمكن مبادلته باي منها وهى : الدولار الامريكي واليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني وايوان الصيني . وعندما عدل مصرف ليبيا المركزي القيمة التعادلية للدينار أصبحت قيمته 1.517وحدة حقوق سحب خاصة بدلا من 2.8 وحدة حقوق سحب خاصة التى كان معمولا بها .

وكان هذ ا التخفيض فى سعر الصرف الرسمى للدينار الليبيى بهدف تهيئة البيئة لتصحيح اوضاع سعر الصرف ، وقد سبقه تخفيض اخر عام 1995 ، غير ان هذه التخفيضات لم تكن كافية للقضاء على السوق السوداء للنقد الاجنبى نظرا لاستمرار إجراءات وضوابط الرقابة على النقد ، والعمل بأسلوب الموازنات الاستيرادية السلعية .

وكان مصرف ليبيا المركزى قد أقر لأول مرة ، خلال العام 1999 ، العمل بما عرف بسياسة سعر الصرف الخاص المعلن الذى طبق على استخدامات النقد الاجنبى والأغراض التي حددها كتاب اللجنة الشعبية العامة سابقا رقم 40-4-1-7-2 المورخ فى 2 فبراير 1999 وذلك اعتباراً من شهر مارس 1999 . وكان سعر الصرف الخاص المعلن قد طبق فى البداية على الأغراض الشخصية (غير تجارية) التي تضمنت الصرف النقدي او بيع النقد الاجنبي للجمهور نقدا والتحويلات المباشرة للاغراض الشخصية مثل العلاج والدراسة على النفقة الخاصة بالخارج ، ومصاريف رفع قضايا بالخارج وكذلك الاعتمادات التى تفتح لأغراض استيراد معدات ولوازم شخصية غير تجارية وشراء النقد الاجنبى لأغراض السفر والحج والعمرة وتذاكر السفر التي تصدرها شركات الطيران العالمية …الخ . وقبل العمل بما عرف بسعر الصرف الخاص المعلن كان يعمل بسعر الصرف التجارى لدى شركة الصرافة والخدمات المالية . وقد تم إلغاء العمل بسعر الصرف التجارى بقرار مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزى رقم (6) لسنة 1999 عندما تقرر البدء فى بيع النقد الاجنبي وفقا لآلية سعر الصرف الخاص المعلن .

وكانت البداية بتحديد سعر لصرف الدينار الليبيى قريب جدا من سعر الصرف فى السوق الموازية فى ذلك الوقت، حيث أعلن مصرف ليبيا المركزى ، بموجب قرار مجلس الادارة المنوه عنه ، عن سعر بيع الدولار الأمريكى عند 3.200 دنانير لكل دولار ، وكان سعر صرف الدولار فى السوق السوداء فى ذلك الوقت 3.70 دنانير ، كما حدد سعر بيع اليورو عند 3.619 دنانير ، والجنيه الاسترليني عند سعر 5.216 دنانير ، وإذن مصرف ليبيا المركزى للمصارف التجارية ببيع النقد الاجنبى عند هذه الأسعار وألغت الحكومة العمل بنظام الموازنة الاستيرادية وسمح للأفراد بشراء النقد الاجنبى وتحويله للاغراض التي حددها كتاب مجلس الوزراء (اللجنة الشعبية العامة سابقا) المشار اليه ، وطبقت هذه الأسعار المعلنة على الجهات والافراد الطبيعية والاعتبارية العامة والخاصة الليبية وغير الليبية العاملة فى ليبيا ، باستتناء تحويلات الحكومة التي استمرت تنفد بسعر الصرف الرسمي للدينار الليبيي .

وهذا يعنى إلغاء أسعار الصرف الاخرى التى كانت محددة لبعض الأغراض التى كان معمولا بها قبل صدور القرار رقم (6) لسنة 1999. وصار مصرف ليبيا المركزى يصدر نشرة بأسعار بيع وشراء العملات الأجنبية التي يعمل بها لدى المصارف التجارية وشركة الصرافة بحيث تضمنت هذه النشرة سعرا للبيع النقدى وآخر للحوالات والاعتمادات المستندية ، بفارق غير كبير . وكان اول تعديل أجراه مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزى على سعر الصرف المعلن خلال شهر مارس 1999، اأي بعد أسبوعين من تاريخ اول تعديل ادخل على سعر الصرف ، فتم تخفيض سعر بيع الدولار الأمريكى من 3.20 دنانير الى 3.100 دنانير  وبعد أسبوعين من تاريخ هذا التعديل اجرى مجلس الادارة تخفيض اًاخر لسعر بيع او صرف الدولار الأمريكى بحيت اصبح 2.950 ديناران للدولار الواحد تم جرى تخفيض اخر لسعر صرف الدولار الامريكي حيت اصبح السعر 2.500 ديناران للدولار الواحد تم خفض السعر الى 2.250 ديناران . وكانت هذه التخفيضات تصدر بشان كل منها قرار من مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزى ، وفى ذات الوقت يتم تعديل أسعار العملات الأجنبية الاخرى ، و يتم تبليغ القرار للمصارف التجارية للعمل به فى اليوم التالي لصدور القرار . وكان السعر الذى يتم تحديده يتقرر فى أتناء انعقاد اجتماع مجلس الادارة ، أَي يتقرر فى حينه ، وبمنتهى السرية ، ويبلغ ويطبق بمنتهى الدقة لدى المصارف التجارية فى اليوم التالي . ومند اليوم الاول لاقرار وإعلان سعر الصرف الخاص المعلن اصبح المصرف المركزى يقود السعر ، وأصبح سعر الصرف فى السوق الموازية يتحدد على ضوء سعر الصرف الخاص المعلن ، بل ان سعر الصرف فى السوق الموازية اصبح اقل من سعر الصرف الخاص المعلن فى بعض الأحيان .بمعنى ان السوق السوداء للنقد الاجنبي كانت قد انتهت عمليا مند اليوم الاول ، حيت تم سحب السعر الى أسفل متاثراً بسعر الصرف الخاص المعلن الذى كان النقد الاجنبى متوفرا عنده بدون قيود تذكر ، ولعل أقلها انه صار بإمكان كل مواطن شراء النقد الاجنبى بمعدل 5000 دولار فى السنة .

وبتاريخ 10 يوليو 1999 فوض مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزى المحافظ باتخاذ الاجراءات التنفيديةاللازمة لوضع قرار مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزي موضع التنفيذ ، ومند التاريخ المشار إليه اصبح سعر الصرف الخاص المعلن يطبق أيضاً على الاعتمادات المستندية لأغراض استيراد السلع ومستلزمات الانتاج للاغراض التجارية. وكانت بداية تطبيق سعر الصرف الخاص المعلن للاغراض التجارية عند سعر 2.00 ديناران للدولار الواحد ، بمعنى اخر اصبح سعر الصرف الخاص للدينار الليبي ، دينار واحد يساوي 500. 0 دولار . وكان مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزى قد قرر بتاريخ 15 ابريل 1999 وقف شراء النقد الاجنبى من قبل المصارف التجارية ، اي ان المصارف التجارية كان مسموحاً لها ببيع النقد الاجنبي وغير مسموح لها بشرائه فى بداية تنفيذ هذا البرنامج . وبتاريخ 04 نوفمبر 1999 قرر مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزى السماح للمصارف التجارية وشركة الصرافة الشروع في شراء النقد الاجنبى من الجمهور والجهات الاعتبارية بسعر الشراء الخاص المعلن ، وتم تفويض المحافظ باتخاذ قرار بوقف شراء النقد الاجنبى فى اَي وقت اذا راى ذلك مناسبا ، حيث حدد سعر شراء الدولار الواحد عند 1.900 دينار وسعر شراء اليورو 2.029 ديناران .

وقد استمر مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزي خلال عام 2000 في تخفيض سعر الصرف الخاص المعلن بالتدريج ، وعلى فترات زمنية ، بحيت خفض سعر الدولار (سعر البيع) الى 1.800 دينار تم 1.700 دينار للدولار تم 1.600دينار تم 1.550 دينار للدولار .

وبتاريخ 24 ديسمبر 2001 اصدر مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزي القرار التاريخي رقم (40)لسنة 2001 تم بموجبه تخفيض (devaluation) وتوحيد سعر الصرف الرسمى للدينار الليبي، بحيث خفضت القيمة التعادلية للدينار مقومة بوحدات حقوق السحب الخاصة لتصبح 0.608 وحدة حقوق سحب خاصة لكل دينار ، اى ان سعر الدولار الواحد قد حدد عند 1.30 دينار وهو السعر المستهدف . وبذلك توقف العمل بسعر الصرف الخاص المعلن ، بل انه تم إلغاء هذا السعر والغاء كافة القرارات الموجبة له وتم توحيد سعر صرف الدينار الليبي عند سعره الجديد الذى طبق على جميع الأغراض والمعاملات التى يدخل فيها نقد اجنبى لكافة الأفراد الطبيعية والمعنوية بما فى ذلك تحويلات الحكومة وتوريداتها من الخارج وعلى جميع الجهات الوطنية والأجنبية دون استتناء ، كما صارت ايرادات النفط تقوم على أساس سعر الصرف الجديد ما أدى الى زيادة ايرادات الخزانة العامة . وبدا العمل بالسعر الموحد الجديد اعتباراً من 01 يناير 2002 .

شاهد أيضاً

فئة الخمسين… وحال المساكين

باختصار بقلم د. علي عاشور قبل أيام انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صور لقرار خازن …