منصة الصباح

الإزدهار والتعليم الطبي

قهوة الصباح
………
بقلم د . المهدي الخماس

أخصائيين علم النفس لهم باع طويل في هذا المصطلح. بالنسبة لي كطبيب وأستاذ فالإزدهار ببساطة هو النمو. هو القناعة. هو التطور والرضا. إزدهار النبات هو نموه وخضرته وصحته. ولهذا عندما اكتب عن الإزدهار والتعليم الطبي فلاغرابة عندي في رؤية إرتباط وثيق بينهما.
التعليم الطبي له أركان كثيرة. فهو الطالب وهو الأستاذ وهو المؤسسة التعليمية وهو البيئة الحاضنه. فهذه كلها تصب في نوعية منتجات التعليم الطبي. فأزدهار التعليم الطبي تعني تطوره ومواكبته لما يجري عمليا حوله في المجتمع وفي العالم. فلنأخذ مكوناته ونرى ماذا يعني الإزدهار.
ولنبدأ بالأستاذ. الأستاذ إنسان إختار هذا المجال ولأسباب مختلفة ولكنها تلتقي في خدمة البشر والمحافظة على صحتهم وعلاجهم من الأمراض وتخفيف الألم عنهم. وطالما هو إنسان فله متطلبات وواجبات إجتماعية وحياتية مثل باقي البشر. وعندما نفحص أستاذ الطب في ليبيا نرى أن الإزدهار بعيد عنه. أصبر قليلا.
الإزدهار بالنسبة له يعني حصوله على مرتب يكفي حاجته وحاجة أسرته. يعني حصوله على هذا المرتب في وقت منتظم. وبذلك يبعد عنه شبح الدين ويقتسم ذلك المرتب بكل أريحية مع تاجر المواد الغذائية والجزار وورشة السيارة ومصاريف المدرسة. وبعدها ينصرف الى تحقيق بعض من الإزدهار. ينصرف الى الإطلاع والتطوير والإهتمام بمرضاه وطلبته. وربما يكون لديه بعض من الوقت ليتعلم البحث ويتشكل لدية نوع من القناعة ليقلل من تواجده في العيادات والمصحات المختلفة بعيدا عن مصدر رزقه الرئيسي.
وطبعا هذا ليس على البال ولا على الخاطر عند الأستاذ الطبيب الليبي منذ عشرات السنوات وبالأخص في العشر سنوات الأخيرة. فتراه يدافع عن وجوده معظم وقته. فإن تواجد في محل عمله الحكومي فقط فالجزار لن يرحمه وصاحب الورشة لن يصلح له السيارة ولن يجد مايقدم للمريض بسبب النقص الحاد في المعدات وحاجات المريض والتشخيص والعمليات. ويتعرض للسب والشتم من كل الإتجاهات. وإن تواجد في العيادات فهو مشغول طول اليوم وبداية الليل ولاوقت له للطلاب والتعليم والبحث. وأحيانا ليس لديه وقت لأسرته.
الطبيب الليبي اليوم يدافع عن وجوده في الفضاء التعليمي. فإن تخرج فطريق التدريب والتخصص ضبابي جدا وربما مظلم وإن أكمل تدريبه يقال له أن غير مؤهل لعضوية هيئة التدريس فأنت تنقصك الماجستير والدكتوراة. ومن تدرب وحصل على الماجستير والدكتوراة وهم قليل فلا مكترث يدفع لهم التمويل لفتح معامل البحث وتوظيف الفنيين وشراء إحتياجات المعمل والكومبيوتر والنت والإشتراك في شبكات البحث ومؤتمرات وندوات التطوير.
فلجنة العمداء ومجلس التخصصات ومجلس التدريب والمجلس الصحي العام ونقابة الأطباء ورؤساء الروابط الطبية المختلفة عليهم الإتجاه الى الجلوس مع بعض ووضع سياسات تخرجنا من هذا المستنقع. سياسات نقدمها الى المشرعين لعل وعسى تساعدهم في إتخاذ القرار وصنع القانون الذي يخدم صحتهم وصحة أبنائهم وأحفادهم.

شاهد أيضاً

عيد الوحدة الوطنية

مفتاح قناو في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي كنا طلابا في المدارس الابتدائية، وكان …