منصة الصباح

بنغازي وإعادة الأعمار

بنغازي وإعادة الأعمار

مفتاح قناو

قرأت على صفحات التواصل الاجتماعي عددا من منشورات الأصدقاء من الكتاب والمثقفين من مدينة بنغازي حول ما يجري فيها هذه الأيام من هدم لبعض المباني المتضررة من الحروب التي مرت بها المدينة، ورغم أنني من المقيمين بمدينة طرابلس إلا أن مدينة بنغازي وهي ثاني أكبر المدن الليبية، وأحدى العواصم التاريخية للدولة الليبية تهمنا جميعا، ويهمنا تطورها لما فيه خير الإنسان الليبي المقيم فيها أو القادم لزيارتها من مدن أخرى، وفي اعتقادنا أن قرار إزالة إي مبنى ينبغي أن يتوقف دائما على الرأي الهندسي، وليس على الرأي السياسي، فإذا كان الرأي الهندسي المختص قد أوجب إزالة مباني معينة لأنها لم تعد تحتمل البقاء من حيث قوة الأعمدة الحاملة لها، أو أن ضرورة توسعة الشوارع تتطلب الإزالة، فلا مناص عندئذ من الإزالة، لكن هذا لا يمنع من إعادة بناء وتخطيط الشوارع على نفس النسق القديم الجميل، فلا استطيع تصور مدينة بنغازي دون ميدان البلدية التاريخي والجامع العتيق، وميدان الشجرة، وشارع العقيب وباقي الشوارع الرئيسة الهامة، هذه هي بنغازي التي عرفناها والتي تمنح الزائر (رائحة وطعم) بنغازي المميز.

وقد تعرضت عدة مدن ألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية إلى دمار شبه كامل، قضى على شكلها القديم، لكن ذلك لم يمنع الشعب الألماني من إعادة بناء هذه المدن على نفس النمط المعماري السابق، وأن يطور هذه المدن في تناسق مدهش بين الأصالة القديمة، وموجبات الحداثة التي تفرضها مصلحة المواطنين ودوافع المدنية الحديثة والأخذ بأسباب العلم والتطور التكنولوجي.

من هذا المنطلق ينبغي على الجهات المشرفة على إعادة إعمار مدينة بنغازي العمل بجد على المحافظة ــ ما أمكن ذلك ــ على الشكل القديم للمدينة، حفاظا على الهوية المحلية التي يعتز بها أهل بنغازي، ما لم يتعارض ذلك مع المصالح الأساسية للمواطن، أما الجماليات فيمكن إضفاء عدد كبير من الجماليات على هذه المدينة ليس من خلال المعمار فقط، بل من خلال الاهتمام بإعادة رصف ونظافة الطرقات، وتجميلها بالأشجار، وإنشاء وتطوير مرافق الخدمات العامة التي يحتاجها الزائر والمواطن المقيم.

نتمنى أن نرى بنغازي في قادم الأيام مدينة مزدهرة، جاذبة للاستثمار، تعج بمختلف المناشط الثقافية والتجارية، تحقق لأبنائها كل وسائل التقدم والرفاهية.

شاهد أيضاً

قرار فرض الضريبة على النقد الأجنبي، ما بني على باطل فهو باطل ….

بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون. صدر حكم محكمة الخمس الابتدائية بتاريخ (29/4/ 2024) …